الإمام أحمد، وقال ابن قتيبة، فإما أن نكون على هذا المنهج في تعلمنا لهذا الدين.
وإما أن نطوي هذه الصفحة ونستبعدها ونأتي مع من يقول قال الفضلاء قال العقلاء قال الحكماء ونؤسس على ذلك قواعد منطقية وفلسفية نبنيها ونرتبها ثم بعد ذلك نهجر كتاب الله ﷿ ونهجر كلام رسوله ﷺ ونعرض عن كلام السلف الصالح وأئمة هذا الدين.
وإما أن نأخذ بالمنهج الثالث الذي يقول بأن هذه الأمور تؤخذ عن طريق أنواع من السلوك والطرق ثم بعد ذلك يقول أصحابها حدثني قلبي عن ربي، ورأيت ربي، ورأيت النبي ﷺ في المنام، أو كشف لي الحجاب، وهكذا بالذوق والمنامات وغير ذلك.
فالناس اليوم لا يخرجون في تلقيهم عن هذه المناهج الثلاثة أو جمعوا بين منهج الصوفي ومنهج الفلسفي وهذا كثير عند طوائف من الناس، وسبب خلطهم بين هذين المنهجين لأن المهج الفلسفي منهج فكري نظري يفتقر للنواحي السلوكية العملية والمنهج الصوفي منهج عملي سلوكي يفتقر للنواحي العلمية.
فالمنهج الصوفي يركز على الناحية السلوكية والتربية العملية، ولكن طرق سلوكية أحدثها هؤلاء من عند أنفسهم وجعلوها من دين الله تعالى وهي لم ترد في دين الله تعالى وصدق المصطفى ﷺ إذ يقول:«مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ»(١).
فعلى طالب العلم أن يتصور هذه المناهج وهذه المدارس ولا تغب عنه طالما هو في سبيل العلم وطريق العلم، فطالب العلم وهو يدرس فنون العلم من عقيدة وتفسير وفقه وأصول يجد هذه المدارس ماثلة أمامه.
فهؤلاء الذين يتكلم عنهم شيخ الإسلام في هذه المقدمة صاروا على منهج فلسفي، وجاؤوا بقواعد منطقية وفلسفية، ولذلك لا تجد هذا العلم يُدرَّس في مدارس أولئك من أهل الكلام كالأشاعرة والماتريدية والمعتزلة، إلا وبجانبه يقومون بتدريس المنطق، فهذا العلم له لغته الخاصة فلا يستطيع الدارس لديهم أن يفهم الكلام المذكور في أمهات كتبهم إلا من خلال علم المنطق والفلسفة قال ابن تيمية: "فإني كنت دائما أعلم أن المنطق اليوناني لا يحتاج إليه الذكي ولا
(١) انظر صحيح البخاري كِتَابُ الصُّلْحِ، بَابُ إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ فَالصُّلْحُ مَرْدُودٌ، برقم (٢٦٩٧)، ومسلم كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ، بَابُ نَقْضِ الْأَحْكَامِ الْبَاطِلَةِ، وَرَدِّ مُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ (١٧١٨)، وأبو داود (٤٦٠٦)، وابن ماجه (١٤)، والإمام أحمد في المسند الْمُلْحَقُ الْمُسْتَدْرَكُ مِنْ مُسْنَدِ الْأَنْصَارِ بَقِيَّةُ خَامِسَ عَشَرَ الْأَنْصَارِ (٢٦٠٣٣).