للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ينتفع به البليد" (١).

ولا شك أن طالب العلم عندما يكون على منهج النبوة فإنه ليس بحاجة لتعلم تلك العلوم وجعلها أساساً لصياغة علم العقيدة ففرق بين المنهجين.

فكل بدعة تقوم في مقابلها تموت السنة، فهؤلاء لما أحيوا بدعة المنطق والفلسفة، كان مقابل هذا أن أماتوا علم مصطلح الحديث، وبالتالي لا تجد عند عامة هؤلاء علم أو معرفة بالصحيح من السقيم، لا عند أهل الفلسفة والكلام ولا عند أهل التصوف.

ولذلك تجد أن كتب هؤلاء مملوءة بأحاديث موضوعة أحياناً وأحاديث مكذوبة، والواحد منهم لا يدري ولا يفرق هل هذا ثبتت صحته أو لم تثبت صحته، بينما هو يجيد علم المنطق إجادة تامة، فهنا نتذكر قول ابن عباس -إذ يقول: " مَا أَتَى عَلَى النَّاسِ عَامٌ إِلَّا أَحْدَثُوا فِيهِ بِدْعَةً، وَأَمَاتُوا فِيهِ سُنَّةً، حَتَّى تَحْيَى الْبِدَعُ، وَتَمُوتَ السُّنَنُ " (٢).

ففي مقابل إحياء البدع تموت السنة، ولذلك انظر لهؤلاء في علم العقيدة مثلاً تجد أن أهل الفلسفة والكلام نبذوا كلام الله تعالى وكلام رسوله وكلام الصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم، وكما يقول شيخ الإسلام: وكما هو واقعٌ منهم أنهم استجهلوا أعلام هذه الأمة وأفضل هذه الأمة علماً وخيراً واعتقاداً وسلوكاً أصحاب المصطفى ومن جاء بعدهم من التابعين وتابعي التابعين الذين إذا قرأ الإنسان في سيرهم احتقر نفسه لما كانوا عليه من العلم والفضل، حتى أن أحدهم ليحفظ ألوف المسائل.

قال ابن رجب الحنبلي": وأما ما أحدث بعد الصحابة من العلوم التي توسع فيها أهلها وسموها علوما وظنوا أن من لم يكن عالماً بها فهو جاهل أو ضال فكلها بدعة وهي من محدثات الأمور المنهي عنها. فمن ذلك ما أحدثته المعتزلة من الكلام في القدر وضرب الأمثال للَّه. " (٣)

إلى أن قال : "وينقسم هؤلاء إلى قسمين:

أحدهما: من نفى كثيراً مما ورد به الكتاب والسنة من ذلك لاستلزامه عنده للتشبيه


(١) الرد على المنطقيين ١/ ٢
(٢) انظر المعجم الكبير للطبراني برقم (١٠٦١٠).
(٣) بيان فضل علم السلف على علم الخلف ص ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>