للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالمخلوقين كقول المعتزلة: "لو رؤي لكان جسما لأنه لا يرى إلا في جهة" وقولهم: "لو كان له كلام يسمع لكان جسما"، ووافقهم من نفى الاستواء فنفوه لهذه الشبهة: وهذا طريق المعتزلة والجهمية وقد اتفق السلف على تبديعهم وتضليلهم وقد سلك سبيلهم في بعض الأمور كثير ممن انتسب إلى السنة والحديث من المتأخرين.

والثاني: من رام إثبات ذلك بأدلة العقول التي لم يرد بها الأثر ورد على أولئك مقالتهم كما هي طريقة مقاتل بن سليمان ومن تابعه كنوح بن أبي مريم وتابعهم طائفة من المحدثين قديماً وحديثاً. وهو أيضاً مسلك الكرامية فمنهم من أثبت لإثبات هذه الصفات الجسم إما لفظاً وإما معنى. ومنهم من أثبت للَّه صفات لم يأت بها الكتاب والسنة كالحركة وغير ذلك مما هي عنده لازم الصفات الثابتة.

وقد أنكر السلف على مقاتل قوله في رده على جهم بأدلة العقل وبالغوا في الطعن عليه (١). "

وكل هذا الاعتقاد حملهم على أن تنبذ النصوص عندهم، وشكَّكُوا وطعنوا في كلام الله تعالى وكلام رسوله ، واستعاضوه واستبدلوا به بدلاً من هذا بقواعد المنطق والفلسفة، وركبوا التوحيد على هذا الأساس.

ومن عاد إلى كتبهم وقرأ سيجد علماً لا أساس له من الكتاب والسنة ومركبٌ وفق قواعد المنهج الفلسفي.

فإذاً لما أدخل هؤلاء الفلسفة والمنطق في هذا العلم وفي غيره، كان هذا على حساب الكتاب والسنة، وهكذا فعل المتصوفة لما أحدثوا ما أحدثوا من البدع، كان هذا على حساب إتباع السنة.

قال ابن رجب الحنبلي: "الصواب في ذلك ما تضمنه كلام السلف والأئمة مع اختصاره وإيجازه، فما سكت من سكت من كثرة الخصام والجدال من سلف الأمة جهلا ولا عجزاً، ولكن سكتوا عن علم وخشية للَّه.

وما تكلم من تكلم وتوسع من توسع بعدهم لاختصاصه بعلم دونهم ولكن حباً للكلام وقلة ورع كما قال الحسن وسمع قوما يتجادلون "هؤلاء قوم ملوا العبادة وخف عليهم القول وقل ورعهم فتكلموا". " (٢)

فإذاً لا يغب عن بال من يطلب العلم، أنه أمام أحد مناهج ثلاثة، فالمنهج


(١) بيان فضل علم السلف على علم الخلف ص ٣
(٢) بيان فضل علم السلف على علم الخلف ص ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>