للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفلسفي ركز على الجانب العلمي، والقضايا العلمية كقضايا التوحيد، والمنهج الصوفي ركز على القضايا العملية، لذلك من كان له احتكاك بأمثال هؤلاء سيرى ويلمس أن هؤلاء يعتنون بالجانب العلمي، أي الأشاعرة وغيرهم، لذلك لا تجد في كتب الأشاعرة إلا ناحية علمية فكرية، وإذا جاء إلى المتصوفة جاء إلى نواحي عملية سلوكية.

ولذلك كل واحد من هؤلاء ضيع أمران، فالمنهج الفلسفي منهج علمي فكري، أهمل جانب العمل، ولذلك ما تراه اليوم في المناهج المتفرعة عن هذه المناهج العقلانية، تجد أن هؤلاء فقط يعتنون بالناحية الفكرية دون ناحية تطبيقية.

هذه المناهج التي نراها اليوم في الفكر الإسلامي وفي ساحة التفكير الإسلامي لما نبعت من هذه المناهج العقلانية، تجدها نواحي نظرية، فإذا رأيت الواحد منهم في التطبيق، تجده على خلاف ما يسِرُّ، قد يكون في فكره ونظره مثلاً يتكلم عن الإخوة الإسلامية ويتكلم عن اعتصام المسلمين ويتكلم عن هذه القضايا بكلامٍ جيد وجميل، لكن انظر إليه من ناحية التطبيق تجده صفر اليدين.

فإن كان يدعو إلى الوحدة، فهو في بيته غير ملتزم، وفي نفسه غير ملتزم، كل هذا نابع عن أساس هذا المنهج العقلاني الذي يأتي للقضايا فيقررها دون ثمرة ودون تطبيق.

والمنهج الصوفي يعتني بالناحية السلوكية دون الناحية العلمية، لذلك تلمس من هؤلاء أنه إذا تعمق في تصوفه ألحد، حتى أنه يصل إلى مرحلة أنه يزعم عن نفسه أنه هو الله، لأن علمه قليل وإن كان في التطبيق يُجْهِدُ نفسه، يُجْهِدُ نفسه في الذكر، يُجْهِدُ نفسه في البعد عن الناس والتجرد والزهد إلى غير ذلك.

فالسبب في هذا الخلل الواقع، هو البعد عن الكتاب والسنة، لأن منهج الكتاب والسنة منهجٌ علمي عمليّ.

ولذلك تجد أن منهج السلف الصالح ومنهج أهل السُنَّة والجماعة يعتني بكلا الجانبين - بالجانب العلمي وبالجانب العملي -، ولكن في ذات الوقت يبني الأمرين على نصوص الكتاب والسُنَّة.

ولذلك يقول علماء هذا المنهج: لا يمكن أن نصل إلى علمٍ صحيح إلا بطريق الكتاب والسُنَّة، ولا يمكن أن نأتي بعملٍ صحيح إلا بطريق الكتاب والسُنَّة، فلا بد من العلم والعمل معًا، ولا بد أن يكون كلٌ من العلم والعمل مبنيَّان على الكتاب والسُنَّة.

وهذه المسائل مسائل أساسية، وعلى أساسها يتم التمييز بين الصواب والخطأ،

<<  <  ج: ص:  >  >>