للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا نقلٌ عن الفضيل بن عياض في مسألة الكيفية، وقد علمنا أن من معتقد أهل السنة والجماعة عدمَ الخوض في الكيفية، وقد قَعَّد الإمام قاعدةً في هذا فقال: «ليس لنا أن نتوهم في الله كيف هو؛ لأن الله تعالى وصف نفسه فأبلغ، فقال: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١ - ٤]، فلا صفة أبلغ مما وصف به نفسه».

فلا يجوز للإنسان أن يخوض في الكيفية؛ لا بفكره ولا بخواطره ولا بلسانه، ولا حتى بمجرد السؤال عن ذلك؛ باعتبار أن هذا الأمر أمرٌ قد غَيَّبه الله عن عباده، وقد قال جل وعلا: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء: ٣٦]، والله ﷿ لم يُطْلِعِ الخلقَ على كيفية ذاته؛ قال : ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ [طه: ١١٠]، وقال ﷿: ﴿وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ [البقرة: ٢٥٥].

فلذلك مِنْ وصية الفضيل بن عياض هنا أن قال: «ليس لنا أن نتوهم في الله كيف هو» (١)، أي: أنه ليس لواحد منا أن يَخوض في هذه المسألة بفكره أو برأيه، فينبغي على الإنسان أن يُوصد هذا الباب؛ لأن أيَّ كلام فيه يُعَدُّ من التقوُّل على الله ﷿ بغير علم، وقد قال ﷿: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣].

فلا يجوز التقوُّل على الله ﷿ بغير علم، وهذه قاعدة من قواعد أهل السنة والجماعة: أنه ليس لقائل ولا لطالب علم ولا لخائض في هذه المسائل: أن يتحدث عن أمر الكيف، وإذا خطر للإنسان خاطر في ذلك، فعليه أن يَرُدَّ هذا الخاطر إلى النصوص، وأن يقف عند الحد الذي أوقفنا الله ﷿ عنده.

والمؤمن يَمتثل قول الله تعالى: ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ [الإسراء: ٣٦]، فأمرٌ لا عِلم لك به، لا يجوز لك أن تَدخل فيه بأي حال من الأحوال.

وعلَّل الفضيل بن عياض ذلك فقال: «لأنَّ الله تعالى وصف نفسه فأبلغ فقال: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٤: ١]».


(١) وانظر: «مجموع الفتاوى» (٥/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>