للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«إلى أن قال: «فهو--القائل: ﴿أَنَا اللَّهُ﴾، لا الشجرة (١)».

هذا رَدٌّ على المعتزلة وعلى الأشاعرة الذين يُنكرون أنَّ الله كلَّم موسى حقيقةً.

ومعلوم أن الجهمية والمعتزلة يُنكرون صفة الكلام؛ أما الأشاعرة والماتريدية والكلابية فيقولون: كلام الله: معنى نفسي قائم بالذات (٢)، فعلى زعمهم يُثبتون أصل الكلام، ولكنهم ينفون أن الله تكلم بهذه الكلام حقيقة، ويقولون: إنه معنى نفسي قائم بالذات، والله--جعل القرآن إمَّا عبارة أو حكاية، فالكلابية يقولون: حكاية. والأشاعرة والماتريدية يقولون: عبارة. بمعنى أن هذه الألفاظ ألفاظ جبريل عبَّر بها عن مراد الله، وأن الله تعالى لم يَتكلم بها حقيقة.

ولا شك أن هذا الزعم خلاف ما جاءت به النصوص، ويكفينا في هذا قول الله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤]، وقال تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ [الأعراف: ١٤٣]، فالله كَلَّم موسى ، والأحاديث في الكلام كثيرة، والقرآن كلام الله ﷿.


(١) أي: في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء: ٣٠].
وهذا ردٌّ على الجهمية ومتأخري المعتزلة القائلين: إنَّ ابتداء الكلام كان من الشجرة. وهذا وجه من وجوه فساد شبهتهم؛ حيث إن قولهم هذا يَلزم منه أن الشجرة هي القائلة: يا موسى، إني أنا الله رب
العالمين! انظر: «مجموع الفتاوي» (٦/ ١٥٣)، و «شرح الطحاوية» (١/ ١٨٢)، و «النونية لابن القيم مع شرحها لهراس» (١/ ١١٤).
(٢) انظر: «مجموع الفتاوى» (١٢/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>