للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«قال: لا يَحل لأحد أن يعتقد أنَّ مدح الله وأسمائه وصفاته يجوز أن ينسخ منها شيء.

إلى أن قال: وكذلك لا يجوز إذا أخبر أن صفاته حسنة عُليا أن يُخبر بعد ذلك أنها دنية سُفلى، فيصف نفسه بأنه جاهل ببعض الغيب بعد أن أخبر أنه عالم بالغيب، وأنه لا يبصر ما قد كان، ولا يسمع الأصوات، ولا قدرة له، ولا يتكلم، ولا الكلام كان منه، وأنه تحت الأرض لا على العرش جل وعلا عن ذلك».

فضرب الإمام المحاسبي مَثَلًا لعدم جواز النسخ في باب الأخبار بباب الأسماء والصفات، فهو من باب الأخبار لا من باب الأوامر، فلذلك على هذه القاعدة لا يجوز أن يُنسخ من ذلك شيء.

فإذًا معلوم أن ما أخبر الله ﷿ به في القرآن في موضع يَستحيل أن يَتناقض مع موضع آخر، وكما نعلم أن الله ﷿ وصف كتابه بأنه محكم؛ فقال: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود: ١]، ومعنى أحكمت: أُتقنت.

فمن إتقانها: أنك لا تجد فيها تضادًّا ولا اضطرابًا ولا اختلافًا ولا تناقضًا، فيستحيل أن يخبر الله ﷿ عن أمر في موضع وينقضه ويكذبه في موضع آخر.

والله ﷿ كذلك وصف القرآن بقوله: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزمر: ٢٣]، ومعنى متشابهًا أي: متماثلًا متناسبًا، لا اختلاف فيه ولا تضادَّ.

وهنا مسألة مهمة في معرفة أحوال الفِرَق:

وهي أن أهل الباطل وأهل البدع على نوعين:

النوع الأول: فِرَق أَهلها لهم مُتَمَسَّك ببعض النصوص.

النوع الثاني: فرق ليس لهم مستمسك بالنصوص.

وأما النوع الأول فهناك فِرَق أَهلها لهم مُتَمَسَّك ببعض النصوص، بمعنى: أن أهل هذه الفِرقة يحتجُّون ببعض الآيات؛ كالجبرية؛ إذ تجدهم في باب القَدَر يحتجون بآيات؛ كقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يرد الله أن يهديه شرح صدره للإسلام ومَن يرد أن يضلَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>