للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - وقوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾.

٤ - وقوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

(فالله تعالى وصف نفسه بأن له المثل الأعلى، وهو الكمال المطلق، المتضمن للأمور الوجودية والمعاني الثبوتية، التي كلَّما كانت أكثر في الموصوف وأكمل كان بها أكمل وأعلى من غيره.

ولما كانت صفات الرب أكثر وأكمل، كان له المثل الأعلى وكان أحق به من كل ما سواه، بل يستحيل أن يشترك في المثل الأعلى المطلق اثنان، لأنهما إن تكافآ من كل وجه، لم يكن أحدهما أعلى من الآخر، وإن لم يتكافآ، فالموصوف به أحدهما وحده، فيستحيل أن يكون لمن له المثل الأعلى مثل أو نظير، وهذا برهان قاطع على استحالة التمثيل والتشبيه، فتأمله فإنه في غاية الظهور والقوة) (١).

٥ - وقوله تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾: روي عن ابن عباس في تفسيرها قوله: هل تعلم للرب مثلاً أو شبيهاً (٢).

وكذلك قال مجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وابن جريج وغيرهم (٣).

٦ - وأما قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾: فالأحد يقتضي أنه لا مثل له ولا نظير.

٧ - وكذا قوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ فالوحدانية تقتضي الكمال، والشركة تقتضي النقص (٤).

ففي القرآن العظيم آيات كثيرة تدل على أن الله تعالى موصوف بصفات الكمال؛ منها: قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾، و (الأعلى): صيغة أفعل التَّفضيل، أي: أعلى من غيره (٥).

ومعناها كما قال القرطبي: «أي: الوصف الأعلى» (٦)، وقال ابن كثير: «أي: الكمال المطلق من كل وجه» (٧)، وقال ابن سعدي: «﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ وهو كل


(١) الصواعق المنزلة ٣/ ١٠٣٢، وشرح الطحاوية ص ١٤٤
(٢) تفسير الطبري ١٦/ ١٠٦
(٣) تفسير الطبري ١٦/ ١٠٦، وتفسير ابن كثير ٣/ ١٣١
(٤) مجموع الفتاوى ١٦/ ٩٩
(٥) «الصواعق المرسلة» (٣/ ١٠٣٠).
(٦) «تفسير القرطبي» (١٠/ ١١٩).
(٧) «تفسير ابن كثير» (٢/ ٥٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>