للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«إلى أن قال بإثبات نفسه بالتفصيل من المجمل؛ فقال لموسى : ﴿وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي﴾ [طه: ٤١]، وقال: ﴿وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾ [آل عمران: ٢٨].

ولصحة ذلك واستقرار ما جاء به المسيح ؛ فقال: ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ﴾ [المائدة: ١١٦]، وقال ﷿: ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾ [الأنعام: ٥٤].

وأكد صحة إثبات ذلك في سُنَّته؛ فقال: «يقول الله ﷿: مَنْ ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي» (١)، وقال: «كتب كتابًا بيده على نفسه: إنَّ رحمتي غلبت غضبي» (٢)، وقال: «سبحان الله رضا نفسه» (٣)، وقال في محاجة آدم لموسى: «أنت الذي اصطفاك الله واصطنعك لنفسه» (٤)؛ فقد صرح بظاهر قوله: أنه أثبت لنفسه نفسًا، وأثبت له الرسول ذلك؛ فعلى مَنْ صَدَّق اللهَ ورسولَه اعتقاد ما أخبر به عن نفسه، ويكون ذلك مبنيًّا على ظاهر قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١].

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


(١) أخرجه البخاري (٧٥٣٧)، ومسلم (٢٦٧٥)، من حديث أبي هريرة ، وتتمته: «وإن ذَكرني في مَلأٍ ذَكرتُه في مَلأٍ خيرٍ منه، وإن تقرَّبَ مِنِّي شبرًا تقرَّبتُ منه ذراعًا، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليهِ باعًا، وإن أتاني يمشي أتيتُه هَرولةً».
(٢) أخرجه البخاري (٣١٩٤)، ومسلم (٢٧٥١)، من حديث أبي هريرة ، بلفظ: «لَمَّا قَضى اللهُ الخَلْقَ كتَبَ كِتابًا، فهو عِندَه فَوقَ العَرشِ: إنَّ رَحمَتي غلَبَتْ غَضَبي».
(٣) أخرجه مسلم (٢٧٢٦) عن جويرية بنت الحارث زوج النبي : أنَّ النبيَّ خَرَجَ مِنْ عِندِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهي في مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهي جَالِسَةٌ، فَقالَ: ما زِلْتِ علَى الحَالِ الَّتي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ النبيُّ : لقَدْ قُلتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ مُنْذُ اليَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ».
(٤) أخرجه (٤٧٣٦) ومسلم (٢٦٥٢) عن أبي هريرة أن النبي قال: «التقَى آدمُ وموسَى ، فقال له موسَى: أنت الَّذي أشقَيْتَ النَّاسَ وأخرجتَهم من الجنَّةِ! قال آدمُ لموسَى : أنت الَّذي اصطفاك اللهُ برسالاتِه واصطنعك لنفسِه وأنزل عليك التَّوراةَ! قال: نعم. قال: فهل وجدتَه كتبه لي قبل أن يَخلُقَني؟ قال: نعم. قال: فحجَّ آدمُ موسَى ، ثلاثَ مرَّاتٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>