للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«ثم حديث الصورة (١)، وذكر أنه صنف فيه كتابًا مفردًا، واختلاف الناس في تأويله».

وقول النبي في الحديث الصحيح: «إنَّ الله خلق آدم على صورته»، فمعناه: أن الله جل وعلا خلق آدم على صورة الرَّحمن ؛ يعني: على صفاته سبحانه، فخصَّ آدم من بين المخلوقات بأنَّ له من الصفات مِنْ جنس صفات الله جل وعلا؛ فلله وجه وجعل لآدم وجهًا، وله سمع وجعل لآدم سمعًا، وله بصر وجعل لآدم بصرًا، إلى آخر ذلك.

فهذا اشتراك في الصفة، والاشتراك في الصفة لا يعني الاشتراك في الكيفية، وكما جاء في الحديث: «خلق الله آدم على صورته»، ف (على) تقتضي الاشتراك في جنس الصفة وفي أصل معناها، ولا تقتضي المشابهة ولا المماثلة في الكيفية ولا في الصفة.

وهذا هو التحقيق في معنى الحديث، خلافًا لمن فهموا منه التمثيل أو التشبيه أو الذين ردوه أو الذين جعلوا معنى الصورة: الصورة الخاصة، وليست الصورة العامة التي هي بمعنى الصفات.

فالله سبحانه له صورة مثل ما جاء في أحاديث كثيرة غير حديث الصورة هذا، كما جاء مثلًا في الحديث: «قالَ أُنَاسٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، هلْ نَرَى رَبَّنَا يَومَ القِيَامَةِ؟ فَقالَ: «هلْ تُضَارُّونَ في الشَّمْسِ ليسَ دُونَهَا سَحَابٌ؟». قالوا: لا يا رَسولَ اللَّهِ. قالَ: «هلْ تُضَارُّونَ في القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ليسَ دُونَهُ سَحَابٌ». قالوا: لا يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: «فإنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَومَ القِيَامَةِ كَذلكَ، يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ، فيَقولُ: مَنْ كانَ يَعْبُدُ شيئًا فَلْيَتَّبِعْهُ، فَيَتْبَعُ مَنْ كانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ، ويَتْبَعُ مَنْ كانَ يَعْبُدُ القَمَرَ، ويَتْبَعُ مَنْ كانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ،


(١) وهو ما أخرجه البخاري ومسلم (٢٦١٢) من حديث أبي هريرة : «إذا قاتَلَ أحَدُكُمْ أخاهُ، فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ، فإنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ علَى صُورَتِهِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>