للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتَبْقَى هذِه الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ في غيرِ الصُّورَةِ الَّتي يَعْرِفُونَ، فيَقولُ: أنَا رَبُّكُمْ، فيَقولونَ: نَعُوذُ باللَّهِ مِنْكَ، هذا مَكَانُنَا حتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا، فَإِذَا أتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ، فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ في الصُّورَةِ الَّتي يَعْرِفُونَ، فيَقولُ: أنَا رَبُّكُمْ، فيَقولونَ: أنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ» (١).

فجاء في هذا الحديث إثبات الصورة لله جل وعلا؛ فالله له صورة تليق بجلاله وعظمته، ولا يجوز أن نجعل هذه الصورة كصورة الإنسان؛ لأن هذا تمثيل والقاعدة: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].

وقال الشيخ عبد الكريم الخضير في حديث النبي : «إذا قاتَلَ أحَدُكُمْ أخاهُ، فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ، فإنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ علَى صُورَتِهِ»، قال: «ليس معناه أن صورةَ آدمَ مماثلةٌ لصورةِ الرحمنِ ، ولكن معناه: أن لآدمَ صورةً مشتمِلةً على صفاتٍ نظيرَ الصفاتِ التي أُثْبِتَتْ للرَّحمنِ، فآدمُ له وجهٌ يليق به، واللهُ له وجهٌ يليق به، وآدمُ له بصرٌ وسمعٌ ويدٌ ورِجْلٌ على ما يليق به، واللهُ له بصرٌ وسمعٌ ويدٌ ورِجْلٌ على ما يليق به ، فكلٌّ له ما يَخُصُّه وإن اتَّحَدَ الاسمُ. ويشهد لذلك أن في الجنةِ رُمَّانًا وفي الدنيا رمانًا، ولا يلزم من ذلك التماثل؛ إذ ليس في الجنةِ مما في الدنيا إلا الأسماءُ، ومجردُ الاتفاقِ في الاسمِ لا يعني الاتفاقَ في المسمى من كلِّ وجهٍ، وجاءَ في الحديثِ الصحيحِ: «أولُ زُمْرةٍ تدخُلُ الجنةَ على صورةِ القمرِ» (٢)، وليس معنى هذا أن هؤلاء يدخلون الجنَّةَ بهذا الشكلِ المُدوَّرِ الذي لا يَشتَمِلُ على عينٍ ولا أنفٍ ولا فمٍ ولا غيرها، لكِنْ لهم صورةٌ كما أن للقمرِ صورةً. وكذلك الحال في حديث: «خلق الله آدم على صورته»، فلا يعني أن الصورة مثل الصورة. والله أعلم».


(١) أخرجه البخاري (٦٥٧٣) من حديث أبي هريرة .
(٢) أخرجه البخاري (٣٢٤٦) من حديث أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>