للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«وأجمعوا على السَّمْعِ والطَّاعةِ لأئمَّةِ المسلمين، وعلى أنَّ كُلَّ مَنْ وَلِيَ شيئًا مِنْ أمورهم عن رِضًى أو غَلَبةٍ وامتدَّتْ طاعتُه مِنْ بَرٍّ وفاجرٍ لا يَلْزَمُ الخروجُ عليهم بالسيف، جارَ أو عَدَلَ» (١).

وقال الصابونيُّ : «ويرى أصحابُ الحديثِ: الجمعةَ والعيدين وغيرَهما مِنَ الصلوات خَلْفَ كُلِّ إمامٍ مسلمٍ بَرًّا كان أو فاجرًا، ويَرَوْنَ جهادَ الكَفَرَةِ معهم وإِنْ كانوا جَوَرَةً فَجَرَةً، ويَرَوْنَ الدعاءَ لهم بالإصلاح والتوفيق والصلاح وبَسْطِ العدل في الرعيَّة، ولا يَرَوْنَ الخروجَ عليهم وإِنْ رَأَوْا منهم العدولَ عن العدل إلى الجَوْرِ والحيف، ويَرَوْنَ قتالَ الفِئَةِ الباغية حتَّى ترجع إلى طاعةِ الإمام العَدْل» (٢).

وقال ابنُ تيميَّة : «فأهلُ السنَّةِ لا يُطيعون وُلَاةَ الأمورِ مطلقًا، إنما يُطيعونهم في ضِمْنِ طاعةِ الرسول ، كما قال تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]» (٣)، وقال أيضًا: «ولهذا كان مذهبُ أهلِ الحديث: تَرْكَ الخروجِ بالقتال على الملوك البُغَاة، والصبرَ على ظُلْمِهم إلى أَنْ يَسْتريحَ بَرٌّ أو يُسْتراحَ مِنْ فاجرٍ» (٤).

وقال النوويُّ : «لا تُنازِعوا وُلَاةَ الأمورِ في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلَّا أَنْ تَرَوْا منهم مُنْكَرًا مُحقَّقًا تعلمونه مِنْ قواعدِ الإسلام، فإذا رأيتم ذلك فأَنْكِروه عليهم وقولوا بالحقِّ حيث ما كنتم، وأمَّا الخروجُ عليهم وقتالُهم فحرامٌ بإجماعِ المسلمين وإِنْ كانوا فَسَقَةً ظالمين، وقد تَظاهَرَتِ الأحاديثُ بمَعْنَى ما ذَكَرْتُه، وأَجْمَعَ أهلُ السنَّة أنه لا يَنْعَزِلُ السلطانُ بالفسق» (٥).

فالسمع والطاعة تكون لولاة الأمور في طاعة الله، أما المعاصي فلا يطاع فيها، فإذا أمر الأمير شخصاً بشرب الخمر فلا يطيعه، أو أمره أن يقتل أحداً بغير حق لا يطيعه، وإذا أمر الوالد ولده بالمعصية فلا يطيعه، وإذا أمر الزوج زوجته بالمعصية فلا تطيعه، وإذا أمر السيد عبده بالمعصية فلا يطيعه، لكن لا يتمرد عليه، فليس للرعية أن يتمردوا على الأمير أو ولي الأمر، بل لا يطيعونه في المعصية وما عدا ذلك فيطيعونه، في الأمور المباحة ويطيعونه في طاعة الله ورسوله.


(١) «رسالةٌ إلى أهل الثغر» للأشعري (٢٩٦).
(٢) عقيدة السلف» للصابوني (٩٢ (.
(٣) منهاج السنَّة» لابن تيمية (٢/ ٧٦).
(٤) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٤/ ٤٤٤ (.
(٥) «شرح النووي على مسلم» (١٢/ ٢٢٩ (.

<<  <  ج: ص:  >  >>