للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال القاضي عياض: "فلو طرأَ عليه كُفرٌ وتغيير للشَّرع، أو بدعةٌ، خرجَ عن حكم الولاية، وسقطَت طاعته، ووجب على المسلمين القيامُ عليه وخَلْعُه، ونصب إمام عادلٍ إن أمكنَهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلاَّ لطائفةٍ وجب عليهم القيامُ بِخَلع الكافر" (١).

• وقولِه : «لَا، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ» (٢)، وقولِه : «إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» (٣)، وقولِه : «لَا، مَا صَلَّوْا» (٤)، قال ابنُ حجرٍ : «ومُلخَّصُه أنَّه يَنْعَزِلُ بالكفر إجماعًا؛ فيجبُ على كُلِّ مسلمٍ القيامُ في ذلك: فمَنْ قَوِيَ على ذلك فله الثَّوابُ، ومَنْ داهَنَ فعليه الإثمُ» (٥).

فإِنْ عَجَزُوا عن إزالتِه وإقامةِ البديل، أو لا تنتظمُ أمورُ السِّياسة والحكمِ بإزالتِه في الحالِ خشيةَ الاضطراب والفوضى وسُوءِ المآل؛ فالواجبُ الصَّبرُ عليه وهُمْ معذورون؛ لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا استَطَعتُم﴾ [التغابن: ١٦]، وقولِه : «فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» (٦)، وهذا أحَقُّ موقفًا مِنَ الخروج عليه؛ لأنَّ «دَرْءَ المَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ المَصَالِحِ»؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلقُوا بِأَيدِيكُم إِلَى التَّهلُكَةِ﴾ [البقرة: ١٩٥].

قال العلَّامةُ ابنُ بازٍ : «إذا رأى المسلمون كفرًا بَواحًا عندهم مِنَ اللهِ فيه برهانٌ فلا بَأْسَ أَنْ يخرجوا على هذا السلطانِ لإزالته إذا كان عندهم قدرةٌ، أمَّا إذا لم تكن عندهم قدرةٌ فلا يخرجون، أو كان الخروجُ يُسبِّبُ شرًّا أَكْثَرَ فليس لهم الخروجُ؛ رعايةً للمَصالِحِ العامَّة، والقاعدةِ الشرعية المُجْمَعِ عليها أنه: لا يجوز إزالةُ الشرِّ بما هو أَشَرُّ منه، بل يجب دَرْءُ الشرِّ بما يُزيلُه أو يُخفِّفُه، أمَّا دَرْءُ الشرِّ بشرٍّ أَكْثَرَ فلا يجوز بإجماعِ المسلمين» (٧).


(١) "أحكام القرآن" (١/ ٦٤١)، وانظر: تفسير "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٤٢١ (.
(٢) أخرجه مسلمٌ في «الإمارة» (١٨٥٥) مِنْ حديثِ عوف بنِ مالكٍ .
(٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الفِتَن» بابُ قولِ النبيِّ : «سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا» (٧٠٥٦)، ومسلمٌ في «الإمارة» (١٧٠٩)، مِنْ حديثِ عُبادةَ بنِ الصامت .
(٤) أخرجه مسلمٌ في «الإمارة» (١٨٥٤) مِنْ حديثِ أمِّ سَلَمة .
(٥) «فتح الباري» لابن حجر (١٣/ ١٢٣ (.
(٦) هو جزءٌ مِنْ حديثٍ مُتَّفَقٍ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الاعتصام بالكتاب والسنَّة» باب الاقتداء بسنن رسول الله (٧٢٨٨)، ومسلمٌ واللفظُ له في «الحجِّ» (١٣٣٧)، مِنْ حديثِ أبي هريرة .
(٧) انظر: «مُراجَعات في فقه الواقع السياسيِّ والفكري» للرفاعي (٢٤). وللشيخ ابنِ عثيمين كلامٌ نفيسٌ في «الشرح المُمْتِع على زاد المُسْتَقْنِع» (١١/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>