للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«قال: ثم كان الاختلاف في القرآن؛ مخلوقًا أو غير مخلوق. فقولنا وقول أئمتنا: إن القرآن كلام الله غير مخلوق، وإنه صفة لله؛ منه بدأ قولًا وإليه يعود حكمًا».

صفة الكلام تأتي-من حيث الأهمية-بعد صفة العُلو لله ؛ لذلك اهتم بها أئمة السلف، وأكدوا على ثُبوتها لله تعالى حقيقة، وأوردوا في ذلك أدلة كثيرة، ودفعوا شبهات المعطلة من الجهمية والمعتزلة ومَن دَار في فَلَكهم القائلين بأنَّ الله خلق القرآن في غيره، وردوا كذلك على الكلَّابية الذين قالوا: القرآن حكاية عن كلام الله، وردوا-أيضًا-على الأشاعرة الذين قالوا: القرآن عبارة عن كلام الله.

فالمعطلة أرادوا بقولهم هذا: إسقاط قيمة الوحي؛ ليصبح لدى الناس خلل في اتباع الوحي، فأهل السنة يؤمنون بأن أول مصدر للتشريع هو وحي الله تعالى إلى رسوله ، أي: كلامه بحروفه ومعانيه، وأن الله تعالى قاله بحرف وصوت.

ومن أركان الإيمان السِّتة: الإيمانُ بالكُتُبِ التي أنزلها اللهُ، كما دلَّ على ذلك قولُه : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: ١٣٦]، وكذلك جاء في حديث جبريل ، وفيه: «الإيمان، قال: «أن تُؤمن باللهِ، ومَلائكتِه، وكُتُبِه، ورُسُلِه، واليومِ الآخِر، وتُؤمن بالقَدَرِ؛ خَيْرِه وشَرِّه» (١).

ومن الإيمانِ بالكتب: الإيمانُ بِأَنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ.

والقرآنُ في الأصل: مصدر قرأ قراءة وقرآنًا؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾، أي: قراءته، فهو مَصدر على وزن فُعلان-بالضم-كالغُفران والشُّكران (٢).


(١) أخرجه البخاري (٥٠) من حديث أبي هريرة ، ومسلم (٨) من حديث ابن عمر .
(٢) انظر: «لسان العرب» (١/ ١٢٩)، و «مناهل العرفان» للزرقاني (١/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>