للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الاصطلاح هو: «كلام الله المُنَزَّل على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد ، المُعجز بلفظه ومعناه، المكتوب في المصاحف، المَنقول إلينا بالتواتر، المُتعبد بتلاوته، المَبدوء بسورة الفاتحة، المُختتم بسورة الناس» (١).

والقرآنُ كلامُ الله، وهو صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ ﷿؛ قال تَعَالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦]، وروي عن جَابِر بن عبد الله أنه قَالَ: «كانَ رسولُ اللهِ يَعْرِضُ نَفسَهُ فِي المَوْسِمِ؛ فَيَقُولُ: «أَلَا رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إلَى قَوْمِهِ؛ لِأُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي» (٢).

وَالذِي عَلَيهِ إِجماعُ السَّلفِ الصَّالحِ مِنَ الصَّحابةِ وَالتَّابعِينَ لَهم بِإحسَانٍ: أَنَّ القرانَ كلامُ اللهِ غَيرُ مَخلوقٍ؛ حُرُوفه وَمَعَانِيه، مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ؛ نَزَلَ بِهِ جِبريلُ إِلَى نَبِيِّنَا .

وقالَ شيخُ الإسلامِ ابن تيمية : «وَمَذْهَبُ سَلَفِ الأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَخَلَفِهَا: أَنَّ النَّبِيَّ سَمِعَ القُرْآنَ مِنْ جِبْرِيلَ، وَجِبْرِيلُ سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ ﷿» (٣).

ثم قال: «الآثار مُتواترة عنهم-أي: عن الصحابة والتابعين-بأنهم كانوا يقولون: القرآن كلام الله، ولمَّا ظهر مَنْ قال: إنه مخلوق، قالوا ردًّا لكلامه: إنه غير مخلوق، ولم يريدوا بذلك أنه مُفترى، كما ظنه بعض الناس؛ فإن أحدًا من المسلمين لم يَقل: إنه مفترى، بل هذا كفر ظاهر يَعلمه كل مسلم، وإنَّما قالوا: إنه مخلوق خلقه الله في غيره، فرَدَّ السلف هذا القول، كما تواترت الآثار عنهم بذلك، وصنفوا في ذلك مصنفات متعددة، وقالوا: «منه بدأ وإليه يعود».

وأوَّل مَنْ عُرف أنه قال: مخلوق-الجعد بن درهم وصاحبه الجهم بن صفوان.

وأول مَنْ عُرف أنه قال: هو قديم عبد الله بن سعيد بن كلاب، ثم افترق الذين شاركوه في هذا القول؛ فمنهم مَنْ قال: الكلام معنى واحد قائم بذات الرَّبِّ، ومعنى القرآن كله والتوراة والإنجيل وسائر كتب الله وكلامه هو ذلك المعنى الواحد الذي لا يَتعدد ولا يتبعض، والقرآن العربي لم يتكلم الله به، بل هو مخلوق خلقه في غيره.


(١) انظر: «مناهل العرفان» (١/ ١٠ - ١٣)، و «مباحث في علوم القرآن» لمناع القطان (ص ٢٠ - ٢١)، ط ٥، مؤسسة الرسالة، بيروت.
(٢) أخرجه أبو داود (٤٧٣٤)، والترمذي (٢٩٢٥)، وابن ماجه (٢٠١)، والحاكم (٢/ ٦٦٩) وصححه، من حديث أبي هريرة ، وقال في «المجمع» (٦/ ٣٥): «رجاله ثقات».
(٣) «مجموع الفتاوى» (٥/ ٢٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>