للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

اللّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ﴾ [آل عمران: ٧٧]، وإن أعطاه شيئًا من متاع الدنيا فأخذه، فهو بلاء ومحن وأسقام تصيب بدنه، يَعظم بها أجرُه، لا يَزال يضطرب فيها حتى يُؤديه إلى الرحمة، وحسن العاقبة» (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : «ومن رأى الله-﷿-في المنام فإنَّه يراه في صورة من الصور بحسب حال الرَّائي؛ إن كان صالحًا رآه في صورة حسنة، ولهذا رآه النبي في أحسن صورة … » (٢).

وقال في موضع آخر: «وقد يرى المؤمن ربه في المنام في صورة متنوعة على قدر إيمانه ويقينه، فإذا كان إيمانه صحيحاً لم يره إلا في صورة حسنة، وإذا كان في إيمانه نقص رأى ما يُشبه إيمانه، ورؤيا المنام لها حكم غير رؤيا الحقيقة في اليقظة، ولها تعبير وتأويل لما فيها من الأمثال المضروبة للحقائق … » (٣).

وقال الإمام ابن كثير عند تفسير قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾ [ص: ٦٩]: «فأمَّا الحديث الذي رواه الإمام أحمد: « … فإذا أنا بربي-﷿-في أحسن صورة، فقال: يا محمد، أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري يا رب». أعادها ثلاثًا، «فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين صدري، فتجلى لي كل شيء وعرفتُ … »، فهو حديث المنام المَشهور، ومَن جعله يقظة فقد غَلط، وهو في السُّنن من طرق» (٤).

ثالثًا: رؤية النبي ربه ليلة المعراج:

بعد اتفاق أهل السنة والجماعة على أن الله تعالى لا يراه أحد في الدنيا يقظة فقد اختلفوا في رؤية نبينا ربه ليلة المعراج؛ قال الإمام ابن القيم: «حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب (الرؤية) له: إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج، وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك، وشيخنا- أي: ابن تيمية- يقول: ليس ذلك بخلاف في الحقيقة، فإن ابن عباس لم يقل: رآه بعيني رأسه، وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال: إنه رآه ﷿، ولم يقل: بعيني رأسه، ولفظ أحمد لفظ ابن عباس ، ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر- قوله في الحديث الآخر: «حجابُه النُّورُ» (٥)، فهذا النور هو


(١) «شرح السنة» (١٢/ ٢٢٧، ٢٢٨).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٥/ ٢٥١).
(٣) «مجموع الفتاوى» (٣/ ٣٩٠ (.
(٤) «تفسير ابن كثير» (٧/ ٨١).
(٥) أخرجه مسلم (١٧٩) من حديث أبي موسى .

<<  <  ج: ص:  >  >>