للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى عمل أهل الشقاوة، ثُمَّ قَالَ: اعملوا فكل ميسَّر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثُمَّ قرأ: «فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى» [الليل: ٥ - ١٠]﴾ خرجاه في الصحيحين" (١)

وقد أنكر الفلاسفة علم الله بالجزئيات قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

"وَقَدْ يَقُولُونَ: إنَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ الْكُلِّيَّاتِ دُونَ الْجُزْئِيَّاتِ؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَعْلَمُهَا عَلَى وَجْهٍ كُلِّيٍّ وَيَقُولُونَ مَعَ ذَلِكَ: إنَّهُ يَعْلَمُ نَفْسَهُ وَيَعْلَمُ مَا يَفْعَلُهُ.

وَقَوْلُهُمْ يَعْلَمُ نَفْسَهُ وَمَفْعُولَاتِهِ حَقٌّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ لَكِنْ قَوْلُهُمْ مَعَ ذَلِكَ: إنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْأَعْيَانَ الْمُعَيَّنَةَ جَهْلٌ وَتَنَاقُضٌ فَإِنَّ نَفْسَهُ الْمُقَدَّسَةَ مُعَيَّنَةٌ وَالْأَفْلَاكُ مُعَيَّنَةٌ وَكُلُّ مَوْجُودٍ مُعَيَّنٌ.

فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُعَيَّنَاتِ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ الْمَوْجُودَاتِ إذْ الْكُلِّيَّاتُ إنَّمَا تَكُونُ كُلِّيَّاتٍ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَّا الْكُلِّيَّاتِ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا مِنْ الْمَوْجُودَاتِ.

تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا. " (٢)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهؤلاء المتفلسفة الدهرية عندهم أن الله لا يفعل شيئا بمشيئته ولا يجيب دعاء الداعي بل ولا يعلم الجزئيات ولا يعرف هذا الداعي من هذا الداعي ولا يعرف إبراهيم من موسى من محمد وغيرهم بأعيانهم من رسله بل منهم من ينكر علمه مطلقا كأرسطو وأتباعه ومنهم من يقول إنما يعلم الكليات كابن سينا وأمثاله" (٣).


(١) شرح العقيدة الطحاوية ١/ ٣١٧.
(٢) مجموع الفتاوى ١٢/ ٥٩٥.
(٣) الجواب الصحيح ١/ ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>