للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المتطهرين﴾ [البقرة: ٢٢٢]، و ﴿يُحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص﴾ [الصف: ٤]، وقَالَ: ﴿فَسَوف يَأْتِي الله بِقوم يُحِبهُمْ ويُحِبُّونَهُ﴾ [المَائِدَة: ٥٤]؛ فقد أخبر بمحبته لِعِبَادِهِ المُؤمنِينَ ومحبة المُؤمنِينَ لَهُ، حَتَّى قَالَ: ﴿والَّذين آمنُوا أَشد حُبًّا لله﴾ [البَقَرَة: ١٦٥].

أمَّا الخلَّة فخاصَّة، وقَول بعض النَّاس: إِنْ مُحَمَّدًا حبيب الله، وإِبْرَاهِيم خَلِيل الله، وظنه أَنْ المحبَّة فَوق الخلَّة؛ قَول ضَعِيف؛ فَإِنْ مُحَمَّدًا-أَيْضًا-خَلِيل الله، كَمَا ثَبت ذَلِك فِي الأَحَادِيث الصَّحِيحَة المستفيضة.

وكَانَ رَسُول الله يحب المُؤمنِينَ الَّذين يُحِبُّهُمْ الله؛ لِأَنَّهُ أكمل النَّاس محبَّة لله، وأحقهم بِأَنْ يحب مَا يُحِبهُ الله، ويبغض مَا يبغضه الله، والخلة لَيْسَ لغير الله فِيهَا نصيب، بل قَالَ: «لَو كنتُ متخذًا من أهل الأَرْض خَلِيلًا لاتَّخذت أَبَا بكر خَلِيلًا» (١) - علم مزِيد مرتبَة الخلَّة على مُطلق المحبَّة.

والمَقْصُود: هُو أَنْ الخلَّة والمحبة لله: تَحْقِيق عبوديته، وإِنَّمَا يغلط من يغلط فِي هَذِه من حَيْثُ يتوهمون أَنَّ العُبُودِيَّة مُجَرّد ذلٍّ وخضوع فَقَط، لَا محبَّة مَعَه، وأَن المحبَّة فِيهَا انبساط فِي الأَهْواء أَوْ إدلال لَا تَحتمله الربوبية، ولِهَذَا يُذكر عَنْ ذِي النُّون: أَنهم تكلمُوا عِنْده فِي مَسْأَلَة المحبَّة؛ فَقَالَ: «أَمْسكُوا عَنْ هَذِه المَسْأَلَة لَا تسمعها النُّفُوس فتدَّعيها».


(١) أخرجه مسلم (٥٣٢) من حديث جندب وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>