للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«ونعتقد أن الله تعالى خصَّ محمدًا بالرؤية، واتَّخذه خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا».

بعد اتفاق أهل السنة والجماعة على أن الله تعالى لا يراه أحد في الدنيا يقظة فقد اختلفوا في رؤية نبينا ربه ليلة المعراج؛ قال الإمام ابن القيم: «حكى عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب (الرؤية) له: إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج، وبعضهم استثنى ابن عباس فيمن قال ذلك، وشيخنا- أي: ابن تيمية- يقول: ليس ذلك بخلاف في الحقيقة، فإن ابن عباس لم يقل: رآه بعيني رأسه، وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين حيث قال: إنه رآه ﷿، ولم يقل: بعيني رأسه، ولفظ أحمد لفظ ابن عباس ، ويدل على صحة ما قال شيخنا في معنى حديث أبي ذر- قوله في الحديث الآخر: «حجابُه النُّورُ» (١)، فهذا النور هو- والله أعلم- النور المذكور في حديث أبي ذر ?: «رأيتُ نُورًا» (٢)» (٣).

وهو ما رجَّحه- أيضًا- شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»، حيث قال : «ولم يتنازعوا إلا في النبي خاصة مع أن جماهير الأئمة على أنَّه لم يَره بعينه في الدنيا، وعلى هذا دَلَّت الآثار الصحيحة الثابتة عن النبي والصحابة وأئمة المسلمين، ولم يثبت عن ابن عباس ولا عن الإمام أحمد وأمثالهما أنهم قالوا: إن محمدًا رأى ربه بعينه، بل الثابت عنهم إمَّا إطلاق الرؤية، وإمَّا تقييدها بالفؤاد، وليس في شيء من أحاديث المعراج الثابتة أنه رآه بعينه، وقوله: «أتاني البارحةَ رَبِّي في أحسن صورة» (٤) الحديث الذي رواه الترمذي وغيره إنما كان بالمدينة في المنام


(١) أخرجه مسلم (١٧٩) من حديث أبي موسى .
(٢) أخرجه مسلم (١٧٨) من حديث أبي ذر موسى .
(٣) «اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية» (١/ ٣).
(٤) أخرجه الترمذي (٣١٥٧)، وأحمد (٣٣٠٤) وغيرهما، وصححه الألباني في «صحيح الجامع» (٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>