للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ: كَتَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الْحَجَّاجِ «أَنْ لَا يُخَالِفَ ابْنَ عُمَرَ فِي الْحَجِّ»، فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا مَعَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حِينَ زَالَتْ الشَّمْسُ فَصَاحَ عِنْدَ سُرَادِقِ الْحَجَّاجِ فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ مِلْحَفَةٌ مُعَصْفَرَةٌ، فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟»، فَقَالَ: «الرَّوَاحَ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ»، قَالَ: «هَذِهِ السَّاعَةَ؟!»، قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: «فَأَنْظِرْنِي حَتَّى أُفِيضَ عَلَى رَأْسِي ثُمَّ أَخْرُجُ»، فَنَزَلَ حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي، فَقُلْتُ: «إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَاقْصُرْ الْخُطْبَةَ وَعَجِّلْ الْوُقُوفَ»، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: «صَدَقَ» (١).

قال ابن حجر: «وَفِيهِ: صِحَّةُ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ» (٢).

وروى ابن أبي شيبة في «المصنف» عن عُمَيْرِ بن هَانِئٍ قال: شَهدت ابن عمر والحجاج مُحَاصِرٌ ابن الزبير، فكان منزل ابن عمر بينهما، فكان ربما حضر الصلاة مع هؤلاء، وربما حضر الصلاة مع هؤلاء» (٣).

وفي صحيح البخاري أيضاً، أن النبي قال: "يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وأن أخطأوا فلكم وعليهم" (٤).

وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يصلون خلف من يعرفون فجوره كما صلى عبد الله بن مسعود وغيره من الصحابة خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط (٥)، وكان قد يشرب الخمر وصلى مرة الصبح أربعاً وجلده عثمان بن عفان على ذلك (٦)، فمثل هذه الأمور أهل السنة وأصحاب النبي لنا فيهم الأسوة والقدوة، فهم أسوتنا وقدوتنا.

ثانياً: الصلاة خلف المبتدع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (وكان الصحابة والتابعون يصلون خلف


(١) «صحيح البخاري» رقم (١٦٦٠).
(٢) «فتح الباري» لابن حجر (٣/ ٥١٢).
(٣) «المصنف» (٢/ ١٥٢) قال ابن حجر: «إسناده صحيح». «المطالب العالية» (٣/ ٧٠٢).
(٤) صحيح البخاري مع فتح الباري ٢/ ٣٢٩.
(٥) الحديث رواه أحمد (١/ ٤٥٠) (٤٢٩٨، والطبراني (٩/ ٢٩٩) (٩٥٢٠). قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١/ ٣٢٩): رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (٦/ ١٤٦).
(٦) رواه أحمد (١/ ١٤٤) (١٢٢٩)، والبيهقي (٨/ ٣١٨) (١٧٩٨٥). قال شعيب الأرناؤوط محقق «المسند»: إسناده صحيح على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>