للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن أبي عبيد وكان متهماً بالإلحاد وداعياً إلى الضلال) (١).

وسار التابعون ومن تبعهم بإحسان من أئمة السلف على هذا، فقرروه قولاً وفعلاً، فمن ذلك:

ما جاء عن الأعمش أنه قال: (كان كبار أصحاب عبد الله -يعني ابن مسعود-يصلون الجمعة مع المختار ويحتسبون بها) (٢).

وقد كان أبو وائل يصلي الجمعة مع المختار بن أبي عبيد (٣).

وعن الحسن أنه سئل عن الصلاة خلف صاحب البدعة، فقال الحسن: (صل خلفه، وعليه بدعته) (٤).

وعن الحكم بن عطية أنه قال: سألت الحسن وقلت: رجل من الخوارج يؤمنا، أنصلي خلفه؟ قال: (نعم، قد أم الناس من هو شر منه) (٥).

وعن ابن وضاح : قال: سألت الحارث بن مسكين: هل ندع الصلاة خلف أهل البدع؟ فقال: (أما الجمعة خاصة فلا، وأما غيرها من الصلاة فنعم) (٦).

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : (وأما الصلاة خلف أهل الأهواء والبدع، وخلف أهل الفجور، ففيه نزاع مشهور وتفصيل ليس هذا موضع بسطه.

ولكن أوسط الأقوال في هؤلاء أن تقديم الواحد من هؤلاء في الإمامة، لا يجوز مع القدرة على غيره، فإن من كان مظهراً للفجور أو البدع يجب الإنكار عليه ونهيه عن ذلك، وأقل مراتب الإنكار هجره لينتهي عن فجوره وبدعته، ولهذا فرق جمهور الأئمة بين الداعية وغير الداعية، فإن الداعية أظهر المنكر فاستحق الإنكار عليه، بخلاف الساكت فإنه بمنزلة من أسر بالذنب، فهذا لا ينكر عليه في الظاهر، فإن الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، ولكن إذا أعلن فلم تنكر ضرت العامة،


(١) مجموع الفتاوى ٣/ ٢٨١
(٢) رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (١/ ٤٧٥) برقم (٥٤٩٧)، وابن أبي زمنين في «أصول الستة» ص ٢٨٤ برقم (٢١٠).
(٣) رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (١/ ٤٧٥) برقم (٥٤٩٧)، وَعَبَد الرزاق في «المصنف» (٢/ ٣٨٦) برقم (٣٧٩٨).
(٤) (صحيح البخاري كتاب الأذان ٥٦) وقال: باب إمامة المفتون والمبتدع. وَعَلَّقَ قَوْل الحسن: (صلِّ وعليه بدْعَتُهُ)
(٥) رواه ابن أبي زمنين في «أصول الستة» ص ٢٨٤ برقم (٢١١).
(٦) رواه ابن أبي زمنين في «أصول الستة» ص ٢٨٤ برقم (٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>