في هذا الموطن ذكر الإمام أبي عبد الله بن خفيف ﵀-ما يُنسب إلى بعض المتصوفة من أمورٍ باطلة، ومن هذه الأمور قول بعض المتصوفة: إن الله ﷿ يُرى في هذه الحياة الدنيا؛ حيث يزعمون أنه من خلال اجتهاده في التعبُّد والأذكار على وجهٍ معين سيُكشف له الحجاب بينه وبين الله ﷾.
ومعلومٌ أن معتقد أهل السنة في هذه المسألة: أن الله ﷿ لا يُرى في هذه الحياة الدنيا، كما جاء في «صحيح مسلم» قول النبي ﷺ في قصة الدَّجَّال: «تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ ﷿ حَتَّى يَمُوتَ»(١)، فلا سبيل إلى رؤية الله ﷾ والاطلاع عليه في هذه الحياة الدنيا، وليس ذلك حتى للنبي ﷺ، وسائر الناس ليس لهم ذلك مِنْ باب أولى.
فهنا ذكر أن هذا يُنسب للمتصوفة، والأحرى أن يقال: يُنسب لبعضهم وليس لكلهم، وإن كانت وردت بعض العبارات الموهمة لبعضهم فإنها لا تُحمل على الرؤيا العيانية، وإنما تحمل على رؤية قلبية، بمعنى أن الإنسان يكون عنده من الإيمان بالله ﷾ حتى يصل إلى درجة الإحسان، وهي كما عرفها النبي ﷺ بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
فما يُنسب لبعض المتصوفة لا شك أنه خطأ منهم، ولكن كما هو معلوم أن التصوف المنحرف اليوم يجنح إلى هذه المسائل كثيرًا، فكثيرٌ من المتصوفة يرون أنهم من خلال خلواتهم ومن خلال أذكارهم يمكن لهم أن يروا الله ﷾، ولا شك أن هذا أمرٌ مخالف لمعتقد أهل السنة والجماعة.
فإذاً لا يُنسب هذا لجميعهم وإنما ينسب لبعضهم، وهذا غالبٌ على كثيرٍ منهم اليوم.