أهم حقائق الشرع، ثم ما هذا الذي لا يظهر إلا بالكشف؟! إن كان هو عين ما في الشريعة فما للكشف فائدة إذاً.
وإن كان غير ما فيها، قالوا بجواز عبادة الله بغير ما شرعه الله، وتلك هي الطامة الكبرى (١).
وكل صوفي يؤمن بالكشف، بل يزعمون أن الكشف أدنى مراتب الولي، والكشف يحصل بأسباب منها كما يروى عن الغزالي:
١ - التنبيه، وسماع الغناء منبهٌ.
٢ - ومنها صفاء القلب، والسماع يؤثر في تصفية القلب.
٣ - ومنها انبعاث نشاط القلب بقوة السماع.
إذاً فسماع الغناء أقوى الأسباب عند الغزالي للكشف؛ فأي كشف هذا؟ حسب الغزالي هوياً إلى أعماق الهاوية أن يزعم أن رؤية الله تحصل بسماع الغناء.
بل يرون مساواة الولي للنبي في انكشاف الحقائق:
فمن الصوفية من يفضل الولي على النبي؛ إذ يزعمون أن الولي يوحى إليه بلا واسطة، أما النبي فبواسطة، وزعيم هؤلاء ابن عربي، والغزالي يزعم أن الولي تنكشف له الحقائق، كما تنكشف للنبي ﷺ، ولا فرق بين الاثنين إلا في أن النبي كلف بإصلاح الخلق، وبذلك يقول:«إخبار الرسول عن الغيب وأمور في المستقبل، وإذا جاز للنبي جاز لغيره؛ إذ النبي عبارة عن شخص كوشف بحقائق الأمور وشغل بإصلاح الخلق، فلا يستحيل أن يكون في الوجود شخص مكاشف بالحقائق، ولا يشتغل بإصلاح الخلق، وهذا لا يسمى نبّياً بل وليّاً».
وأما الذوق فإن الصوفية عندما تحدث عن وسيلة المعرفة عند الصوفية يعرفونها بأنها تقوم على الذوق والكشف، دون العقل والشرع، ساق في هذا المجال بعضاً من التعريفات التي اصطلح عليها كبار شيوخ الصوفية، كالقصيري، وابن عربي في تعريف الذوق.
فالقصيري يعرف الذوق بقوله:«ما يجده العارف على سبيل الوجدان والكشف لا البرهان والكسب، ولا عن طريق الأخذ بالإيمان والتقليد، وهو أول درجات شهود الحق بالحق. في أثناء البوارق المتتالية عند أدنى لبث من التجلي البرقي».
(١) مصرع التصوف للبقاعي (ص ١٨٨، ١٩٢) - تحقيق عبد الرحمن الوكيل.