للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما يذكر عن ابن عربي قوله:

«اعلم أن العلوم الذوقية الحاصلة لأهل الله، مختلفة باختلاف القوى الحاصلة مع كونها ترجع إلى عين واحدة».

والمعروف عن التصوف أنه على نوعين:

النظري «الإشراقي»: والغاية منه معرفة الله «بالذوق» واكتناه أسرار ربوبيته بالمواجيد.

التصوف العملي: وهو قائم على الرياضيات والمجاهدات، أي على الذكر والزهد والعبادة وفي الحقيقة لا يمكن التفرقة بينهما، لأن النظري وليد العملي، لأن النظرية وليدة التطبيق (١).

ولقد أكثر الصوفية في كلامهم عن الحديث عن المحبة والفناء، وجعلوا الذوق هو طريق المعرفة الحقة، وأن الشريعة للعوام، وأن الحقيقة للخواص، وأن لكل شيء ظاهر وباطن، فمن ثم اتسم فكرهم عن الجانب الإلهي بالغموض والإبهام، وظهرت فيه آثار الغنوصية (٢) والباطنية، مما دعى بعض الباحثين إلى التساؤل، عما إذا كان هناك علاقة بين غلاة الصوفية والباطنية والإسماعيلية والفلاسفة (٣).


(١) هذه هي الصوفية (ص ١٦٦).
(٢) انظر الغنوصية فصل وسيلة المعرفة عند الصوفية.
(٣) يقول الدكتور محمد السيد الجليند في كتاب «من قضايا التصوف» (ص ٨٦): ومن يقرأ تاريخ القرن الثالث والرابع الهجريين وظروف نشأة هذه الفرق لابد أن يدرك الخيوط القوية بين هذه التيارات الجديدة الغريبة على الحياة الإسلامية، ولابد أن يدرك أن هناك خيوطاً مشتركة وعقلاً يفكر وينظم فليس من قبيل المصادفة، أن تجد فكرة الظاهر والباطن قاسماً مشتركاً بين كل هذه الطوائف وليس من قبيل المصادفة أن تجد خصائص وأوصاف الإمام عند الشيعة هي أوصاف القطب، والولي عند الصوفية، وهذه العلاقة القوية أشار إليها ابن خلدون في المقدمة (ص ٢٢٣)، ويقول الدكتور الجليند أيضاً (ص ٧٩): ومن جهة أخرى لو قارنا بين فكرة الظاهر والباطن عند الباطنية، والحقيقة والشريعة عند الصوفية، سوف نجد صلة قوية بين الفكرتين. [فتحي عثمان].

<<  <  ج: ص:  >  >>