للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما يحتاج إلى نفي الكيفية إذا أثبتت الصفات ; وأيضا فإن من ينفي الصفات لا يحتاج أن يقول بلا كيف، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا بلا كيف ; فمن قال: إن الله ليس على العرش، لا يحتاج أن يقول بلا كيف.

وأيضا فقولهم: أمّروها كما جاءت، يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنها جاءت ألفاظا دالة على معان، فلو كانت دلالتها منفية لكان الواجب أن يقال: أمروا لفظها، مع اعتقاد أن المفهوم منها غير مراد، أو يقال: أمروا لفظها مع اعتقاد أن الله لا يوصف بما دلت عليه حقيقة، وحينئذ فلا تكون قد أمرت كما جاءت، ولا يقال حينئذ بلا كيف، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت، لغو من القول.

قال الذهبي، بعد ما ذكر كلام مالك وربيعة الذي قدمناه: وهذا قول أهل السنة قاطبة، أن كيفية الاستواء لا نعقلها، بل نجهلها، وأن استواءه معلوم، كما أخبر به في كتابه، وأنه كما يليق به، ولا نتعمق، ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك، نفيا، ولا إثباتا، بل نسكت، ونقف، كما قد وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إليه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره، وإمراره، والسكوت عنه؛ ونعلم يقينا مع ذلك أن الله جل جلاله، لا مثل له في صفاته، ولا في استوائه، ولا في

<<  <  ج: ص:  >  >>