مجتهدون، وعلى اجتهادهم مأجورون، واختيار بعض المتأخرين له، لا يقتضي أولويته ولا رجحانه؛ ولو ذهب هذا المخالف إلى الأخذ بكل ما صححوه، وإلزام الناس بجميع ما رجحوه لأوقعهم في شباك، وأفضى بهم إلى مفاوز الهلاك؛ وهذا على سبيل التنبيه، والإشارة تكفي اللبيب.
وأجاب الشيخ حمد بن عبد العزيز، رحمه الله: إذا أدرك المأموم الإمام راكعاً، فدخل معه واطمأن في الركوع قبل أن يرفع، فهو مدرك للركعة؛ وهذا هو المروي عن السلف الصالح، وعليه عمل الأمة من الصحابة والتابعين، والأئمة الأربعة وأتباعهم؛ فلا يعرف عن السلف خلاف في ذلك. وقد حكى الإجماع على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى، فقال: والمسبوق إذا لم يتسع قيامه لقراءة الفاتحة، فإنه يركع مع إمامه ولا يتم الفاتحة باتفاق الأئمة، وأما إذا كان متسعاً ولم يقرأها، فهذا تجوز صلاته عند الجماهير. وعند الشافعي عليه أن يقرأها، وإنما تسقط قراءتها عنده عن المسبوق خاصة. انتهى.
فتبين: أن سقوط قراءة الفاتحة عن المسبوق، مسألة اتفاق كما قدمناه؛ والحجة في ذلك ما رواه البخاري عن أبي بكرة فذكره، وذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه:" ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة " ١، وترجم عليه ابن خزيمة، وهكذا ترجم مجد الدين في المنتقى، فقال: باب المسبوق يدخل مع الإمام، ولا يعتد بركعة لم يدرك ركوعها. انتهى.
١ البخاري: مواقيت الصلاة (٥٨٠) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (٦٠٧) , والنسائي: المواقيت (٥٥٣, ٥٥٤, ٥٥٥, ٥٥٦) , وأبو داود: الصلاة (٨٩٣) , وابن ماجة: إقامة الصلاة والسنة فيها (١١٢٢) , وأحمد (٢/٢٤١, ٢/٢٦٥, ٢/٢٨٠) , ومالك: وقوت الصلاة (١٥) , والدارمي: الصلاة (١٢٢٠) .