ورواته، تفيد الحديث قوة، على أنه ليس الاعتماد عليه وحده، بل على حديث مالك بن الحويرث السابق، وهذا القول كما ترى في القوة. فإن قيل: لو كانت واجبة على الاثنين، لفعل هذا وقت السلف، قيل: ما أبعد هذا الاعتراض، فإن العادة أن القرى لا تبنى لاثنين ولا لثلاثة ونحوهم؛ فكون هذا لم يفعل في وقت السلف، لا يدل على عدم الوجوب، لأنه إنما لم يفعل لتخلف سببه، وهو سكنى اثنين في قرية، لأن هذا لا يعهد، وإنما نتكلم فيه على تقدير أن لو وجد هذا، لكان هذا هو الحكم لما ذكرنا. ولضعف هذا الاعتراض، لم يلتفت إليه أحمد في رواية عنه، ولا شيخ الإسلام ابن تيمية في القول بوجوبها على ثلاثة، ولا كل من قال بوجوبها على ثلاثة، لعلمهم أن هذا اعتراض غير صحيح. فإن قيل: الأصل براءة الذمة، فلا نشغلها إلا بدليل على شغلها، قيل: صدقتم كان الأصل براءة الذمة من صلاة الجماعة أصلاً، فلما ورد الأمر بها كان الأصل الشغل، فلا ننتقل عنه إلا بدليل يدل على إسقاط شغلها، ولا دليل على ذلك أصلاً إلا في الواحد. فإن قيل: هذا الدليل غير كاف في شغل الذمة، قيل: كون الوجوب هو الأصل كاف في شغلها، إذ لا ينتقل عنه إلا بدليل يدل على إسقاطها عمن دون الأربعين، ولا دليل على ذلك، فكيف إذا انضم إلى هذا