الأصل ما ذكرنا من الأدلة؟ وكم بدون هذا الدليل تشغلون الذمم، وتؤذون الأمم، كما أشغلتموها بإيجاب الجمعة على من كان بينه وبين موضع الجمعة فرسخ، إذا كان خارج المصر! ولا دليل على ذلك.
وكما أشغلتموها بقراءة آية من القرآن، في خطبتي الجمعة بغير دليل، وكما أشغلتموها بأنه يحضر أربعون رجلاً من أهل الجمعة الخطبة بغير دليل، وكما أشغلتموها بأنها لا تصح الخطبة قبل وقت الجمعة، وليس على ذلك دليل، وكما أشغلتموها بإيجاب الزكاة في الباقلا، والكراويا والكمون والكسفر، وبزر الكتان والقثاء والخيار، وحب الرشاد والفجل والقرطم والترمس والسمسم، وأسقطتموها عن بزر الباذنجان والقت والجزر، والسدر والأشنان والخطمي، والصعتر والآس ونحو ذلك، فتارة تشغلونها بغير دليل، وتارة تبرئونها بغير دليل. وكما أشغلتموها فيما إذا كان عليه صوم رمضان فأخر قضاءه من غير عذر إلى رمضان آخر، أن عليه القضاء وإطعام مسكين لكل يوم بغير دليل صحيح، مع مخالفته لقول الله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[سورة البقرة آية: ١٨٤] ، ثم قلتم: إن مات قبل أن يدركه رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكين، فأسقطتم عنه القضاء بغير دليل، وأشغلتم ذمته بالاطعام بغير دليل صحيح، مع