من ذلك ما لا تحصل به الكفاية كاملة لم يكن غنياً، فجاز أن يعطى من الزكاة تمام كفايته. انتهى.
وسئل الشيخ علي بن حسين بن محمد، رحمهم الله: هل في كتب المذهب جواز الأخذ من الزكاة مع الغنى لمن قام بمصلحة عامة، كالقضاء ونحوه؟ أم ليس إلا عموم، كما في رواية عن أحمد: أن طلب العلم داخل في الجهاد؟
فأجاب: أكثر أهل العلم على المنع من الأخذ مع الغنى عموماً، أما مع التخصيص فلم أجد لأهل المذهب تصريحاً في الأخذ مع الغنى، غير عموم الأخذ من بيت المال وإن كثر، والأخذ من الزكاة لمن له الأخذ منها بقدر الكفاية. وأما قياسه على الجهاد، وأنه نوع منه، وأن للغازي الأخذ من الزكاة مع الغنى، والغازي مخصوص في الآية الكريمة، وهو الثامن، وليس فيه تصريح بجواز الأخذ مع الغنى لغير الغازي، إلا بفهم عمومات، كالقياس على الغازي والعامل والغارم مع الغنى.
قال القرطبي في تفسيره، عند قوله تعالى:{وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا}[سورة التوبة آية: ٦٠] : إن العامل عطل نفسه لمصلحة الفقراء، فكانت كفايته وكفاية أعوانه في مالهم، كالمرأة لما عطلت نفسها لحق الزوج، كانت نفقتها ونفقة أتباعها من خادم أو خادمين على زوجها. ولا يقدر رزق عامل بالثمن، بل تعتبر الكفاية، ثمناً كان أو أقل أو أكثر، كرزق القاضي. وقال في موضع آخر: