للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صام بعد هذه القصة في السفر، ولفظه: " سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام، فنَزَلنا منزلاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم مصبحو عدوكم، والفطر أقوى لكم، فأفطروا؛ وكانت عزيمة فأفطرنا. ثم لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر "، وهذا الحديث نص في المسألة؛ ومنه يؤخذ الجواب عن نسبته صلى الله عليه وسلم الصائمين إلى العصيان، لأنه عزم عليهم فخالفوه، وهو شاهد لما قلناه، من أن الفطر أفضل لمن يشق عليه الصوم، ويتأكد ذلك إذا كان يحتاج إلى الفطر للتقوي به على لقاء العدو.

وروى الطبراني في تهذيبه، من طريق خيثمة: " سألت أنس بن مالك عن الصوم في السفر؟ فقال: لقد أمرت غلامي أن يصوم، فقلت له: أين هذه الآية: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فقال: إنها نزلت ونحن نرتحل جياعاً، وننْزل على غير شبع; وأما اليوم، نرتحل شباعاً، وننْزل على شبع "، وأشار أنس إلى الصفة التي يكون فيها الفطر أفضل من الصوم.

وأما الحديث المشهور: " الصائم في السفر كالمفطر في الحضر " ١ فقد أخرجه ابن ماجة مرفوعاً، من حديث ابن عمر، بسند ضعيف، وأخرجه الطبراني من طريق أبي سلمة عن عائشة أيضاً، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، رواه الأثرم من طريق أبي سلمة عن أبيه مرفوعاً، والمحفوظ عن أبي سلمة عن أبيه موقوفاً، كذلك أخرجه النسائي وابن المنذر، ومع وقفه فهو منقطع، لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه. وعلى


١ النسائي: الصيام (٢٢٨٥) , وابن ماجة: الصيام (١٦٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>