للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقدير صحته، فهو محمول على ما تقدم أولاً، حيث يكون الفطر أولى من الصوم، والله أعلم.

وأما الجواب عن قوله صلى الله عليه وسلم: " ليس من البر الصيام في السفر " ١، فسلك المجيزون فيه طرقاً: فقال بعضهم: قد خرج على سبب فيقتصر عليه، وعلى من كان في مثل حاله؛ وإلى هذا جنح البخاري في ترجمته، وكذا قال الطبري بعد أن ساق نحو حديث الباب، من رواية كعب بن عاصم الأشعري، ولفظه: " سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في حر شديد، فإذا رجل من القوم قد دخل تحت ظل شجرة، وهو مضطجع كهيئة الوجع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لصاحبكم؟ أيّ وجع به؟ قالوا: ليس به وجع، ولكنه صائم وقد اشتد عليه الحر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس البر أن تصوموا في السفر، عليكم برخصة الله التي رخص لكم ". قال: فكان قوله صلى الله عليه وسلم لمن كان في مثل تلك الحال.

وقال ابن دقيق العيد: أخذ من هذه القصة: أن كراهية الصوم في السفر مختصة لمن هو في مثل هذه الحالة، ممن يجهده الصوم ويشق عليه، أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من الصوم من وجوه القرب، فينْزل قوله: " ليس من البر الصوم في السفر " ٢ على مثل هذه الحال، قال: والمانعون من الصيام في السفر يقولون: إن اللفظ عام، والعبرة بعمومه لا بخصوص السبب، قال: وينبغي أن يتنبه للفرق بين الأدلة، السبب والسياق والقرائن، على تخصيص العام، وعلى مراد


١ النسائي: الصيام (٢٢٥٥) , وابن ماجة: الصيام (١٦٦٤) , وأحمد (٥/٤٣٤) , والدارمي: الصوم (١٧١٠, ١٧١١) .
٢ البخاري: الصوم (١٩٤٦) , ومسلم: الصيام (١١١٥) , والنسائي: الصيام (٢٢٥٧, ٢٢٥٨, ٢٢٦٠, ٢٢٦١, ٢٢٦٢) , وأبو داود: الصوم (٢٤٠٧) , وأحمد (٣/٢٩٩, ٣/٣١٧, ٣/٣٥٢, ٣/٣٩٨) , والدارمي: الصوم (١٧٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>