للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما يسر الله رجوعي من تلك الديار، وحصل لي بالوطن مكث واستقرار; رأيت أن مما يتعين علي: تنبيه إمام المسلمين وفقه الله لطاعته، بأن يصرف الهمة إلى منهج الصواب والسداد، لما في ذلك من صلاح البلاد والعباد، فبادر إلى ما أشرت إليه، فدفع إلى من يرضى أمانته، عشرين من تلك النقود، وأمره أن يختبر ما فيها من الفضة، بالسبك على الوجه المعهود، فحضرت تصفيتها مع ذلك الثقة المأمور، فحصل من العشرين خمسة بزنة المثقال، وهذا القدر لا يزيد عما في الريال منها ولا ينقص بحال، فأفتيت بعد ذلك التحرير والاختبار، بأن هذه المصارفة لا تحل إذا زادت الجدد عن ذلك المقدار.

ثم ذكر أدلة تحريم الربا، وتقدم- إلى أن قال- قلت فتأمل كيف أفاد: أن ما يخل من الخلط بالتماثل، يمنع من بيع الجنس بجنسه، وهو صريح كلام الجميع، ولا يخفى أن النحاس المخالط للفضة في الجدد، يخل بالتماثل، وما يخل بالتماثل لا يجوز.

فصل

ومن نظائرهما: ما نص عليه في الشرح والمغنى والكافي وغيرهم، من أنه لا يجوز بيع الزبد بالسمن، قالوا: لأن في الزبد لبنا يسيرا يخل بالتماثل قلت: فإذا كان الخلط اليسير من اللبن في الزبد، يخل بالتماثل، فالنحاس مع الفضة من باب أولى، لكونها أصلا وذلك فرع ; فإن قال قائل: إن الفضة فيها تبع قلت: هذا باطل من وجوه: الأول أنه لا

<<  <  ج: ص:  >  >>