للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعيره داره، أو يرهنها عند من يأذن له في سكناها، أو يضاربه بأقل من جعل مثله، أو يبتاع منه الشيء بأضعاف قيمته، أو يكري داره بثلث كراها، أو يدفع إليه شجرة مساقاة بأضعاف جعل مثله، انتهى.

فتأمل رحمك الله: هذا الكلام بعين الإنصاف، ليتبين لك أن الرهون التي تفعل عندكم لأجل المال الذي في ذمته، فيصبر عليه، وينظره ما دام يستغل الشجر أو الأرض، هو حيلة على أكل الرهن والانتفاع به، لأجل القرض، ولو لم يكن في ذمته ذلك المال لم يتركه يستغل أرضه، وربما تركها له بدون قيمة مثلها، فهذا هو المحاباة، وهو الربا الذي نص العلماء على تحريمه، سواء سمي ذلك المال قرضا أو غيره، أو كان دينا في ذمته، وكان أهل الجاهلية قبل الإسلام، إذا كان لأحدهم دين على رجل إلى أجل، فحل الأجل قال له: إما أن تقضي وإما أن تربي، فيزيده هذا في المال، ويزيده هذا في الأجل، فحرم الله ذلك ; فلولا أن الأرض أو الشجر أو الدار ينتفع بها، لما صبر عليه وأنظره.

وعن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فجملوها فباعوها " ١ متفق عليه وقال الخطابي رحمه الله "جملوها" معناه: أذابوها حتى تصير ودكا، فيزول عنها اسم الشحم ; قال: وفي هذا الحديث بيان، أن كل حيلة يحتال بها للتوسل إلى محرم، فإنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته وتبديل اسمه.


١ البخاري: البيوع (٢٢٢٣) , ومسلم: المساقاة (١٥٨٢) , والنسائي: الفرع والعتيرة (٤٢٥٧) , وابن ماجه: الأشربة (٣٣٨٣) , وأحمد (١/٢٥) , والدارمي: الأشربة (٢١٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>