للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الثاني: وهو منع الجار من الانتفاع بملكه والارتفاق به، فإن كان ذلك يضر بمن انتفع بملكه فله المنع، وأما إن لم يضر به، فهل يجب عليه التمكين، ويحرم عليه الامتناع أم لا؟ فمن قال في القسم الأول: لا يمنع المالك من التصرف في ملكه وإن أضر بجاره، قال هنا للجار المنع من التصرف في ملكه بغير إذنه، ومن قال هناك بالمنع، فاختلفوا هاهنا على قولين، أحدهما: المنع هاهنا وهو قول مالك ; والثاني: أنه لا يجوز المنع، وهو مذهب أحمد في طرح الخشب على جدار جاره، ووافقه الشافعي في القديم.

وفي الصحيحين: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبه على جداره " ١ قال أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم" "وقضى عمر بن الخطاب على محمد بن مسلمة: أن يجري ماء جاره في أرضه، وقال ليمرن ولو على بطنك" وفي الإجبار على ذلك روايتان عن أحمد، ومذهب أبي ذر الإجبار على إجراء الماء بأرض جاره، إذا أجراه في قناة في باطن أرضه، نقله عنه حرب الكرماني - إلى أن قال:

وقال عبد الرحمن الحضرمي الشافعي، في شرح الأربعين، في الكلام على هذا الحديث "فائدة" يؤخذ من هذا الحديث قاعدتان عظيمتان، وهما رعاية المصالح ودرء المفاسد، ويتفرع منهما أيضا قواعد أخر، كقولهم: الضرر يزال، وقولهم: إذا ضاق الأمر اتسع، والمشقة تجلب


١ البخاري: المظالم والغصب (٢٤٦٣) , ومسلم: المساقاة (١٦٠٩) , والترمذي: الأحكام (١٣٥٣) , وأبو داود: الأقضية (٣٦٣٤) , وابن ماجه: الأحكام (٢٣٣٥) , وأحمد (٢/٢٤٠ ,٢/٢٧٤ ,٢/٣٢٧ ,٢/٣٩٦ ,٢/٤٤٧ ,٢/٤٦٣) , ومالك: الأقضية (١٤٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>