للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفسه فعلنا ; وإن لم يكن إلا بضرر ظاهر يلحق الغريم، فلا نجبره على المعاوضة أو القرض، لأجل مصلحة المدين ; لأن من شرط ذلك التراضي ولا مسوغ للإجبار، وليس هذا موضع ضرورة.

وإن سميت ضرورة فلا يزال الضرر بالضرر، لحديث " لا ضرر ولا ضرار" ١ وسواء وعده عند دخولهما في المعاملة أو لم يعده، فلا يترتب على ذلك حكم، لكن إن تيسر التوفيق بما لا ضرر فيه على الكل فحسن، كأن يجعل للأول بعض الزرع، أو الثمرة في مقابلة حقه، ويصير الباقي لمن ينفق عليه آخر المدة، أو يعطى رهنا أو ضمينا في حقه، أو نحو ذلك مما تطيب به النفس، فإن تعذر ذلك: بأن غاب الغريم، أو تعذر بنفاد ما في يده، أو خوفا من ذهاب ماله، بأن ليس عند المدين مقابلة لجميع ذلك ونحو ذلك، فلا نرى جواز التقديم بغير رضا الغريم ; لأنه ربما استغرق حق الثاني جميع الثمرة والزرع، فيذهب الأول بلا شيء، وهذا يرده حديث "لا ضرر ولا ضرار " ٢.

وقد أمكن دفع الضرر، بأن يدفع لكداد آخر كده معاملة، بما يتراضيان عليه إلى تمامه، أو يستأجر من يقوم به، وقد استقر حكم الشريعة العادلة، أن صاحب الحق يعطى حقه وإن تضرر بذلك الغريم، فلم تعتبر الشريعة تضرر المدين بأداء الحق إلى مستحقه، ومن أدخل غريما ثانيا على أول، وقدمه بحقه، فقد عكس حكم الشريعة: "خذوا ما وجدتم"


١ ابن ماجه: الأحكام (٢٣٤٠) , وأحمد (٥/٣٢٦) .
٢ ابن ماجه: الأحكام (٢٣٤٠) , وأحمد (٥/٣٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>