لك أن الأصل في العقود الصحة، ووجد مع الأصل ظاهر، وهو الكتب على العقد، فلا يسعنا نقول في الصحيح أنه فاسد، بل يتعين أن نذكر لك ما يظهر لنا; وأما ما ذكرت أن مستندك في القول بفسادها: أنهم جعلوا للعامل بعض الأرض، وهذا تفسد به المغارسة; فاعلم يا أخي: أنه ليس في الأصل الذي بين أيديهم ما يقتضي ذلك، ولو قدر أن الخصم ادعاه وثبتت به دعواه، فالمعتمد الذي عليه شيوخنا، القول بجوازه; وما علمت أن أحدا منهم قال بفساده، لا ابتداء ولا دواما، ودليلهم في ذلك: أن هذا عقد من العقود، وقد أمر الله سبحانه بالوفاء بالعقود، والأصل في المعاملات الإباحة، ولنا في ذلك القول سلف من الأئمة.
قال في الاختيارات: ولو دفع أرضه إلى آخر يغرسها بجزء من الغراس صح كالمزارعة، واختاره أبو حفص العكبري، والقاضي في تعليقه، وهو ظاهر مذهب أحمد، ثم قال: ومقتضى قول أبي حفص: أنه يجوز أن يغارسه بجزء من الأرض، كما جاز النسج بجزء من الغزل نفسه; وقال في الفروع: وظاهر نص الإمام أحمد جواز المساقاة على شجر يغرسه، ويعمل عليه بجزء معلوم من الشجر والثمر كالمزارعة، واختاره أبو حفص، وصححه القاضي في التعليق، واختاره في الفائق، والشيخ تقي الدين رحمه الله.
قال في الإنصاف: لو كان الاشتراك في الغراس والأرض فسد وجها واحدا، قاله المصنف رحمه الله تعالى والشارح