كانت مدة السقي معلومة أو مجهولة، مثل إلى أن تهزل أو تحفى، هل هذا جائز يشبه دفع الدابة إلى من يعمل عليها ببعض مغلها؟ أم هذا ليس بصحيح لعدم معرفة الأجرة والجهل بالمدة إذا لم توقت؟
فأجاب: هذه المسألة لم أقف عليها منصوصة في كلام العلماء، ولكنهم نصوا على ما يؤخذ منه حكم هذه المسألة; فمن ذلك أنهم ذكروا: أن من شرط صحة الإجارة معرفة قدر الأجرة، ومعرفة قدر المدة; قال في المغني: يشترط في عوض الإجارة كونه معلوما، لا نعلم في ذلك خلافا، انتهى، ولكن هذه المسألة هل تلحق بمسائل الإجارة وتعطى أحكامها، أم تلحق بمسائل الشركة وتعطى أحكامها، مثل المساقاة والمزارعة والمضاربة، وغير ذلك من مسائل المشاركات؟
فإن قلنا: إنها بمسائل الإجارة أشبه، فالإجارة لا تصح إلا بأجرة معلومة، على مدة معلومة، ولهذا اختلف العلماء في جواز إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها، كثلث أو ربع، فمنعه أبو حنيفة والشافعي وغيرهما، وعللوه بأن العوض مجهول، فلا تصح الإجارة بعوض مجهول; وأجازه الإمام أحمد، فمن أصحابه من قال هو إجارة، ومنهم من قال بل هو مزارعة بلفظ الإجارة; قال في الإنصاف: والصحيح من المذهب، أن هذا إجارة، وأن الإجارة تصح بجزء مشاع معلوم مما يخرج من الأرض الموجودة، وهي من مفردات المذهب، انتهى.