للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفرع، كما فعل عمر وطلحة وغيرهما.

فإذا عرفت أن الوقف بالإجماع ما قصد به القربة، فهنا قاعدة مجمع عليها، وهي: أنه لا يجوز لأحد بعد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يشرع شيئاً من الواجبات، ولا من المستحبات، بل يكون ذلك العمل بدعة وضلالة يضر ولا ينفع؛ والدليل ليس على النافي، بل على المثبت، فإذا لم يرد دليل عن الشارع أن هذا الوقف مشروع، فالأصل مع النافي، وهو أنه لا دين إلا ما شرعه الله ورسوله.

يوضح هذا: أن العباس بن عتبة، أوصى بوصايا عند موته، فسأل الوالي القاسم بن محمد، فقال: انظر ما وافق الحق منها فأمضه، وما لا فرُدَّه، فإن عائشة حدثتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا، فهو رد " ١. فإذا كان بعض مشاهير التابعين، يرد من وصاياه كل ما لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف بما حدث بعد ذلك؟ كما لو لم نجد نصاً في المسألة.

وأما النصوص على بطلان هذا الوقف، فمن وجوه: منها ما ثبت أن رجلاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق ستة أعبد عن دُبُر، ليس له مال غيرهم، فأقرع بينهم، وجزأهم ثلاثة أجزاء، فأعتق اثنين، وأَرَقَّ أربعة، وقال فيه قولاً شديداً; وفي رواية أنه قال: " لو حضرته، لم يدفن في مقابر المسلمين " ٢؛ وفي هذا الحديث عبرة عظيمة، وذلك أن فعل


١ البخاري: الصلح (٢٦٩٧) , ومسلم: الأقضية (١٧١٨) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٦) , وابن ماجة: المقدمة (١٤) , وأحمد (٦/١٨٠, ٦/٢٤٠, ٦/٢٥٦) .
٢ أبو داود: العتق (٣٩٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>