فأجاب: هذه المسألة لم أقف عليها، ومنصوص كلامهم وظاهر عباراتهم جواز ذلك، لأنهم لم يذكروا إلا المنع من العقد خاصة، وأما الخطبة فلم يتعرضوا لها بمنع، ولم يمنع إلا من خطبة المعتدة من غيره، فقالوا: لا يجوز التعريض بخطبة الرجعية، ولا يجوز التصريح بخطبة البائن، والمتوفى عنها زوجها؛ فإن فعل بأن عرض في موضع لا يجوز فيه التعريض، أو صرح في موضع لا يجوز فيه التصريح، ولم يعقد عليها إلا بعد انقضاء العدة، فالعقد صحيح مع الإثم.
وأما خطبة المرأة في عدة أختها، أو خالتها أو عمتها، فلا علمت فيه منعاً، ولكن الأحسن تركه، أو ترك إظهاره، لما فيه من حصول العداوة وقطيعة الرحم، التي عللوا بها في عدم جواز الجمع بينهما. فإن أراد الخطبة فلتكن سراً بحيث لا تعلم زوجته، مع أن ذلك لا يفيده شيئاً، لأنها ربما وعدته، فإذا انقضت عدة أختها ربما بدا لها.
وسئل: عن رجل زوج ابنته، وقد وعد آخر قبله؟
فأجاب: وأما الذي زوج ابنته على رجل، وقد وعد آخر قبله أن يزوجه إياها، وأخلف وعده، فإخلاف الوعد من أخلاق المنافقين، ولا يجوز إخلاف الوعد. والإثم على الأب، وأما الزوج فلا إثم عليه إذا كان لم يعلم.