للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، يقول - إذا نزلت بهم ترة، أو عرضت له حاجة – لميت: يا سيدي فلان، أنا في حسبك، أو اقض حاجتي، كما يقوله بعض هؤلاء المشركين لمن يدعونهم من الموتى والغائبين; ولا أحد من الصحابة استغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، ولا بغيره من الأنبياء لا عند قبورهم، ولا إذا بعدوا عنها، ولا كانوا يقصدون الدعاء عند قبور الأنبياء، ولا الصلاة عندها؛ بل: " لما قحط الناس، في زمان عمر بن الخطاب، استسقى بالعباس، وتوسل بدعائه، وقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك، إذا أجدبنا بنبينا، فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا، فاسقنا، فيسقون ". فهذا توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم وشفاعته في حياته، ولهذا: توسلوا بعد وفاته بدعاء العباس. وهذا كله تحقيق لما بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم من إخلاص العبادة بجميع أنواعها لله وحده، الذي هو حقيقة معنى لا إله إلا الله; فإن الله إنما أرسل الرسل، وأنزل الكتب، ليعبد وحده، ولا يدعى معه إله آخر، لا دعاء عبادة، ولا دعاء مسألة، وقد قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [سورة النساء آية: ١٧١] ، وقال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سورة التوبة آية: ٣١] . فاتخاذ الأحبار، والرهبان أربابا، هو من فعل اليهود، والنصارى.

<<  <  ج: ص:  >  >>