للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنهم كتبوا الكتاب بأيديهم، وقالوا: هذا من عند الله، وأنهم تركوا كتاب الله والعمل به، وأقبلوا على ما أحدثه أسلافهم من الكتب. وأخبر أنه وصاهم بالاجتماع، وأنهم لم يختلفوا لخفاء الدين، بل اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم، {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} ، [سورة المؤمنون آية: ٥٣] والزبر: الكتب.

فإذا فهم المؤمن، قول الصادق المصدوق: " لتتبعن سنن من كان قبلكم " ١، وجعله قبلة قلبه، تبين له أن هذه الآيات وأشباهها، ليست على ما ظن الجاهلون: أنها كانت في قوم كانوا فبانوا، بل يفهم ما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال في هذه الآيات: " مضى القوم، وما يعني به غيركم ".

وقد فرض الله على عباده في كل صلاة أن يسألوه الهداية إلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم، الذين هم غير المغضوب عليهم، ولا الضالين؛ فمن عرف دين الإسلام، وما وقع الناس فيه من التغيير له، عرف مقدار هذا الدعاء، وحكمة الله فيه.

والحاصل: أن صورة المسألة، هل الواجب على كل مسلم أن يطلب علم ما أنزل الله على رسوله، ولا يعذر أحد في تركه البتة؟ أم يجب عليه أن يتبع التحفة ٢ مثلا؟ فأعلم المتأخرين وسادتهم منهم، كابن القيم قد أنكروا هذا غاية


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/٨٤ ,٣/٨٩) .
٢ يعني التحفة لابن حجر الهيتمي المكي الشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>