للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاءها منهم؛ بل هم الذين يخلقون أفعال أنفسهم، من خير وشر، وطاعة ومعصية; والدرجة الأولى نفاها غلاة القدرية، كمعبد الجهني، وعمرو بن عبيد; ونص أحمد، والشافعي على كفر هؤلاء.

وأما من قال: إن الله لم يخلق أفعال العباد، ولم يشأها منهم، مع إقرارهم بالعلم، ففي تكفيرهم نزاع مشهور بين العلماء. فحقيقة القدر، الذي فرض علينا الإيمان به: أن نعتقد أن الله سبحانه عالم ما العباد عاملون، قبل أن يوجدهم، وأنه كتب ذلك عنده، وأن أعمال العباد خيرها وشرها مخلوقة لله واقعة بمشيئته، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، قال الله تعالى: {كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [سورة المدثر آية: ٣١] ، وقال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ} [سورة الأنعام آية: ١٣٧] ، {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} [سورة البقرة آية: ٢٥٣] ،: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [سورة الأنعام آية: ١٠٧] ، فهذه الآيات ونحوها صريحة في أن أعمال العباد، خيرها وشرها، وضلالهم واهتداءهم، كل ذلك صادر عن مشيئته.

وقال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [سورة الشمس آية: ٧-٨] ، وقال تعالى: {إِنَّ الأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} [سورة المعارج آية: ١٩-٢٠-٢١] ، فدل ذلك على أن الله سبحانه هو الذي جعلها فاجرة، أو تقية، وأنه خلق الإنسان هلوعا، خلقه متصفا بالهلع، وقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>