للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسكنى في القرى، على مطلق وجوب الهجرة، فنعرفك عن حقيقة الهجرة الواجبة بالشرع المطهر.

فنقول: الهجرة تجب من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، على من لم يقدر على إظهار دينه، فإن كان المحل الذي فيه الأعراب، تظهر فيه شعائر الشرك، وتفعل فيه المحرمات، وتترك فيه الواجبات، فإن الهجرة تجب من ذلك المحل، إلى بلاد تظهر فيها شعائر الإسلام، سواء كان ذلك في بادية أو حاضرة، وأما البادية الذين هم في ولاية إمام المسلمين، وهم مع ذلك ملتزمون شرائع الإسلام، من الإتيان بأركان الإسلام الخمسة، وترك الشرك والكفر، ولا يظهر فيهم شيء من نواقض الإسلام، فلا تجب عليهم الهجرة إلى القرى، ولا يجوز إلزامهم بذلك.

ومن ألزمهم بذلك، ورآه دينا، فقد شرع في الدين ما لم يأذن به الله، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [سورة الشورى آية: ٢١] وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ١، وفي رواية " من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد " ٢ أي: من أحدث في ديننا وشرعنا، زيادة لم نشرعها، فمن قال قولا، أو عمل عملا لم يشرعه الله ورسوله، فهو مردود عليه، كائنا من كان، وقال تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ


١ البخاري: الصلح (٢٦٩٧) , ومسلم: الأقضية (١٧١٨) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٦) , وابن ماجه: المقدمة (١٤) , وأحمد (٦/٧٣ ,٦/١٤٦ ,٦/١٨٠ ,٦/٢٤٠ ,٦/٢٥٦ ,٦/٢٧٠) .
٢ البخاري: الصلح (٢٦٩٧) , ومسلم: الأقضية (١٧١٨) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٦) , وابن ماجه: المقدمة (١٤) , وأحمد (٦/٢٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>