للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [سورة النحل آية: ١١٦] .

ومن نسب إلزام بادية المسلمين بسكنى القرى إلى دين الله ورسوله، فقد افترى وضل، نعم، تستحب الهجرة في حقهم والحالة هذه، لما يترتب على ذلك من حضور الجمع والأعياد، وغير ذلك، من غير إكراه على ذلك، فافهموا حكم الهجرة ومن تجب عليه، وقولوا بعلم، ودعوا الجهل والهوى، واستحسانات العقول، وإن أردتم الدليل على ما قلناه، فانظروا إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأصحابه، وحالهم مع أعرابهم الموجودين في عصر النبوة وما بعده، فإنهم لم يلزموهم بسكنى القرى، فإن كان عند أحد دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم فليوجدناه ونقبله على الرأس والعين.

وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة الطويل، الذي رواه مسلم في صحيحه، في أعراب المسلمين، فإنه قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية " ١ - إلى قوله- " ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن أبوا فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله " ٢ الحديث ; فدل الحديث على أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أعراب، ولم يلزمهم بالهجرة.

وقال ابن القيم: رحمه الله تعالى، في الهدي النبوي، في أواخر الوفود: "فصل" في قدوم وفد بني عبس، ” وفد عليه


١ مسلم: الجهاد والسير (١٧٣١) , والترمذي: الديات (١٤٠٨) والسير (١٦١٧) , وأبو داود: الجهاد (٢٦١٢) , وابن ماجه: الجهاد (٢٨٥٨) , وأحمد (٥/٣٥٢ ,٥/٣٥٨) , والدارمي: السير (٢٤٣٩) .
٢ مسلم: الجهاد والسير (١٧٣١) , والترمذي: السير (١٦١٧) , وأحمد (٥/٣٥٢ ,٥/٣٥٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>