للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها العلماء؟

فاعلم: أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم: إفراد الله بالعبادة كلها، ليس فيها حق لملك مقرب، ولا نبي مرسل، فضلا عن غيرهم، فمن ذلك لا يدعي إلا إياه، كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} ١.

فمن عبد الله ليلا ونهارا، ثم دعا نبيا، أو وليا عند قبره، فقد اتخذ إلهين اثنين، ولم يشهد أن لا إله إلا الله، لأن الإله هو المدعو، كما يفعل المشركون اليوم عند قبر الزبير، أو عبد القادر، أو غيرهما، وكما يفعل قبل هذا عند قبر زيد وغيره.

ومن ذبح لله ألف أضحية، ثم ذبح لنبي أو غيره، فقد جعل إلهين اثنين، كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ٢ الآيتين، والنسك هو الذبح؛ وعلى هذا فقس. فمن أخلص العبادات كلها لله، ولم يشرك فيها غيره، فهو الذي شهد أن لا إله إلا الله.

ومن جعل فيها مع الله غيره، فهو المشرك الجاحد لقوله لا إله إلا الله؛ وهذا الشرك الذي ذكره الله، قد طبق اليوم مشارق الأرض ومغاربها، إلا الغرباء المذكورين في


١ سورة الجن آية: ١٨.
٢ سورة الأنعام آية: ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>