للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ميتا في شيء من الأشياء، ومعلوم أن العاقل لا يقول هذا في آحاد العامة، فضلا عن الصالحين، فضلا عن الأنبياء والمرسلين، فضلا عن سيد الأولين والآخرين؛ فإنه ما من أحد إلا يمكن أن يستغاث به في بعض الأشياء، فكيف أفضل الخلق، وأكرمهم على الله.

ولكن النفي عاد إلى شيئين، إلى الاستغاثة به بعد الموت، وأن يطلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى؛ وأما قول هؤلاء الجهال، فهو يستلزم الردة عن الدين، والكفر برب العالمين؛ ولا ريب أن أصل قول هؤلاء، هو من باب الشرك بالله، الذي هو الكفر، الذي لا يغفره الله تعالى.

فإن الله سبحانه قال في كتابه: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} ١ الآية، وقد قال غير واحد من السلف: هذه أسماء قوم صالحين، كانوا في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم عبدوهم.

وقد ذكروا ذلك بعبارات متقاربة، في كتب الحديث، والتفسير، وقصص الأنبياء، كما ذكره البخاري في صحيحه، وجماعة من أهل الحديث، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} ٢ الآية؛ فيقول أهل الضلال: هذا يقوله هو نفسه، وأما نحن


١ سورة نوح آية: ٢٣.
٢ سورة الكهف آية: ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>