للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان هذا وأمثاله في ناحية أخرى، يدّعون الإسلام، ويدعون الأموات، ويسألونهم، ويستجيرون بهم، ويفزعون إليهم، وربما كان ما يفعلونه بالأموات أعظم، لأنهم إنما يقصدون الميت في ضرورة نزلت بهم، فيدعونه دعاء المضطر، راجين قضاء حاجاتهم بدعائه، والدعاء به عند قبره، بخلاف عبادتهم لله، ودعائهم إياه، فإنهم يفعلون ذلك في كثير من الأوقات، على وجه التكلف والعادة.

حتى إن العدو الخارج من الإسلام، لما قدم دمشق، خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور، يرجون عندها كشف ضرهم، وقال بعض الشعراء:

يا خائفين من التتر ... لوذوا بقبر أبي عمر

أو قال:

عوذوا بقبر أبي عمر ... ينجيكمو من الضرر

فقلت لهم: هؤلاء الذين تستغيثون بهم، لو كانوا معكم في القتال لانهزموا، كما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد، فإنه قضى أن العسكر ينكسر لأسباب اقتضت ذلك، والحكمة كانت لله في ذلك؛ ولهذا كان أهل المعرفة بالدين والمكاشفة، لم يقاتلوا في تلك المرة، لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله به ورسوله.

فلما كان بعد ذلك، جعلنا نأمر الناس بإخلاص

<<  <  ج: ص:  >  >>