وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجدبوا مرات، ودهمتهم نوائب، ولم يجيئوا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا استغاثوا به؛ بل خرج عمر بالعباس، فاستسقى به، ولم يستسق عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد كان من قبور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمصار عدد كثير، وعندهم التابعون ومن بعدهم من الأئمة، فما استغاثوا عند قبر صاحب قط، ولا توسلوا به، ولا استسقوا عنده، ولا استنصروا عنده، ولا به؛ ومعلوم: أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله لو وقع، بل على ما هو دونه.
ومن تأمل كتب الآثار، وعرف حال السلف، علم قطعا أن القوم ما كانوا يستغيثون عند القبور، ولا يتحرون الدعاء عندها أصلا، بل كانوا ينهون عن ذلك من يفعله من جهالهم.
فمن ذلك: ما رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده: حدثنا أبو بكر، حدثنا يزيد بن الحباب، حدثنا جعفر بن إبراهيم، حدثنا علي بن عمر، عن أبيه عن علي بن الحسين: أنه رأى رجلا يجيء إلى فرجة، كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيدعو فيها، فقال: ألا أحدثكم حديثا