وروى أبو روق عن الضحاك: أن هذه البئر كانت بحضرموت، في بلد يقال لها "حاصوراء"، وذلك أن أربعة آلاف نفر ممن آمن بصالح نجوا من العذاب، أتوا حضرموت ومعهم صالح، فلما حضروه مات صالح، فسمي حضرموت، لأن صالحا لما حضره مات.
فبنوا حاصوراء، وقعدوا على هذه، وأمَّرُوا عليهم رجلا، فأقاموا دهرا، وتناسلوا حتى كثروا. ثم إنهم عبدوا الأصنام وكفروا، فأرسل الله إليهم نبيا، يقال له: حنظلة بن صفوان، وكان حمالا فيهم، فقتلوه في السوق، فأهلكهم الله، وعطلت بئرهم، وخربت قصورهم، انتهى.
وقال الحافظ ابن كثير على قوله:{وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} :أي: لا يستقي فيها، ولا يردها أحد، بعد كثرة وارديها والازدحام عليها. {وَقَصْرٍ مَشِيدٍ} قال عكرمة يعني: مبيضا بالجص، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومجاهد وعطاء، وسعيد بن جبير، وأبي المليح والضحاك نحو ذلك.
وقال آخرون: هو المنيف المرتفع; وقال آخرون: المشيد المنيع الحصين، وكل هذه الأقوال متقاربة، ولا منافاة بينها، فإنه لم يحم أهله شدة بنائه ولا ارتفاعه، ولا إحكامه ولا حصانته، عن حلول بأس الله بهم، كما قال