ذكر المشرق، والعراق شرقي المدينة، والواقع يشهد له، لا نجد الحجاز، ذكره العلماء في شرح هذا الحديث.
فقد جرى في العراق من الملاحم والفتن، ما لم يجر في نجد الحجاز، يعرف ذلك من له اطلاع على السير، والتاريخ، كخروج الخوارج بها، الذين قاتلهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وكمقتل الحسين، وفتنة ابن الأشعث، وفتنة المختار وقد ادعى النبوة، وقتال بني أمية لمصعب بن الزبير، وقتله، وما جرى في ولاية الحجاج بن يوسف، من القتل والسفك، وغير ذلك مما يطول عده.
وعلى كل حال، فالذم يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، بحسب حال الساكن; لأن الذم إنما يكون للحال دون المحل، وإن كانت الأماكن تتفاضل. وقد تقع المداولة فيها; فإن الله يداول بين خلقه حتى في البقاع، فمحل معصية في زمن، قد يكون محل طاعة في زمن آخر.
وأما قول المعترض: منها قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يزالون في شر من كذابهم "
فالجواب: أن هذا من جملة كذبه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهله بالعلم، لا يميز بين الحديث وغيره; وهذا الكلام ورد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في نفر من بني حنيفة، سكنوا الكوفة في ولاية ابن مسعود عليها،